الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على فِرَاشِه فنَقَلَه (12) بِرِفْقٍ ففَسَدَ، ففيه وَجْهانِ، بِنَاءً [على الجَرَادِ](13) إذا انْفَرَشَ في طَرِيقِه، وحُكْمُ بَيْضِ الجَرَادِ [حُكْمُ الجَرَادِ](14). وإن احْتَلَبَ لَبَنَ صَيْدٍ، ففيه قِيمَتُه (15)، كما لو حَلَبَ لَبَنَ حَيَوَانٍ مَغْصُوبٍ.
فصل:
إذا نَتَفَ مُحْرِمٌ رِيشَ طَائِرٍ، ففيه ما نَقَصَ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأَوْجَبَ مالِكٌ وأبو حنيفةَ فيه الجَزَاءَ جَمِيعَه. ولَنا، أنَّه نَقَصَه نَقْصًا يُمْكِنُ زَوَالُه، فلم يَضْمَنْهُ بِكَمَالِه، كما لو جَرَحَهُ. فإن حَفِظَهُ، فأطْعَمَه، وسَقَاه، حتى عَادَ ريِشُه، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ النَّقْصَ زَالَ، فأشْبَهَ ما لو انْدَمَلَ الجُرْحُ. وقيل: عليه قِيمَةُ الرِّيشِ؛ لأنَّ الثَّانِىَ غيرُ الأَوَّلِ. فإن صارَ غيرَ مُمْتَنِعٍ بِنَتْفِ رِيشِه، وانْدَمَلَ غيرَ مُمْتَنِعٍ، فعليه جَزَاءُ جَمِيعِه، كالجَرْحِ (16). فإن غَابَ غيرَ مُنْدَمِلٍ، ففيه ما نَقَصَ، كالجَرْحِ سواءً، وقد ذَكَرْنَا ثَمَّ احْتِمَالًا. فهاهُنا مِثلُه.
686 - مسألة؛ قال: (إلَّا أنْ تَكُونَ نَعَامَةً، فَيَكُونُ فِيهَا بَدنَةٌ، أوْ حَمَامَةً، وَمَا أشْبَهَهَا، فَيَكُونُ في كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَاةٌ)
هذا مُتَعَلِّقٌ بقَوْلِه: "وإن كَانَ طَائِرًا فَدَاهُ بِقِيمَتِه في مَوْضِعِه". واسْتَثْنَى (1) النَّعامَةَ من الطَّائِرِ؛ لأنَّها ذَاتُ جَنَاحَيْنِ وتَبِيضُ، فهى كالدَّجَاجِ والإِوَزِّ. أوْجَبَ فيها بَدَنَةً؛ لأنَّ عمرَ، وعليًّا، وعثمانَ، وزيدَ بن ثَابِتٍ، [وابنَ عَبّاسٍ](2)، ومعاويةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، حَكَمُوا فيها بِبَدَنَةٍ. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن النَّخَعِىِّ، أنَّ فيها قِيمَتَها. وبه قال
(12) في أ، ب، م:"فتلفه".
(13)
في ب، م:"على أن الجراد".
(14)
سقط من: ب، م.
(15)
في أ، ب، م:"قيمة".
(16)
سقط من: الأصل.
(1)
في ب، م:"أو استثنى".
(2)
سقط من: الأصل.
أبو حنيفةَ. وخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ. واتِّبَاعُ النِّصِّ في قَوْلِه تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (3). والآثارِ أوْلَى، ولأنَّ النَّعَامَةَ تُشْبِهُ البَعِيرَ في [خَلْقِه، فكان](4) مِثْلًا لها، فتَدْخُلُ في عُمُومِ النّصِّ. وفي الحَمَامِ شَاةٌ. حَكَمَ به عمرُ، وعثمانُ، وابنُ عمرَ، وابنُ عَبّاسٍ، ونافِعُ بن عبدِ (5) الحارِثِ، في حَمَامِ الحَرَمِ، وبه قال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعَطاءٌ، وعُرْوَةُ، وقَتَادَةُ، والشَّافِعِيُّ، وإسحاقُ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ: فيه قِيمَتُه. إلَّا أنَّ مَالِكًا وَافَقَ في حَمَامِ الحَرَمِ [دُونَ الإِحْرامِ؛ لأنَّ القِيَاس يَقْتَضِى القِيمَةَ في كُلِّ الطَّيْر، تَرَكْناه في حَمَامِ الحَرَمِ](6) لِحُكْمِ الصَّحَابَةِ، ففيما عدَاهُ يَبْقَى على الأصْلِ. قُلْنا: قد (7) رُوِىَ عن ابنِ عَبّاسٍ في الحَمَامِ حَالَ الإِحْرَامِ كمَذْهَبِنَا، ولأنَّها حَمَامَةٌ مَضْمُونَةٌ لِحَقِّ اللَّه تعالى، فضُمِنَتْ بِشَاةٍ، كحَمامَةِ الحَرَمِ، ولأنَّها متى كانت الشَّاةُ مِثْلًا لها في الحَرَمِ، فكذلك في الحِلِّ، فيَجِبُ ضَمانُها بها (8)؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} . وقِيَاسُ الحَمامِ على الحَمامِ أوْلَى من قِيَاسِه على غيرِه. وقَوْلُ الخِرَقِىِّ: "ومَا أَشْبَهَها". يَعْنِى ما يُشْبِهُ الحَمامَةَ، في أنَّه يَعُبُّ الماءَ، أى يَضَعُ مِنْقَارَهُ فيه، فيَكْرَعُ كما تَكْرَعُ الشَّاةُ، ولا يَأْخُذُ قَطْرَةً قَطْرَةً، كالدَّجَاجِ، والعَصافِيرِ. وإنَّما أَوْجَبُوا فيه شَاةً لشَبَهِه بها في كَرْعِ الماءِ مِثْلَها، ولا يَشْرَبُ مِثْلَ شُرْبِ (8) بَقِيَّةِ الطُّيُورِ. قال أحمدُ، في رِوايَةِ ابنِ القاسمِ (9)، وسِنْدِىٍّ (10): كُلُّ طَيْرٍ يَعُبُّ الماءَ، يَشْرَبُ مثلَ
(3) سورة المائدة 95.
(4)
في أ، ب، م:"خلقته فكانت".
(5)
سقط من: أ، ب، م.
(6)
سقط من: ب، م.
(7)
سقط من: ب، م.
(8)
سقط من: الأصل.
(9)
في أ، ب، م:"أبو القاسم". وتقدمت ترجمة أحمد بن القاسم، صاحب أبي عبيد في: 1/ 197.
(10)
في أ، ب، م:"شندى". وتقدمت ترجمته في: 1/ 326.