الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-صلى الله عليه وسلم فى حِجَّةِ الوَدَاعِ، وأُتِىَ بِالبُدْنِ، فقال:"ادْعُ لِى أبَا الْحَسَنِ". فدُعِىَ له علىٌّ، فقال له:"خُذْ بِأَسْفَلِ الْحَرْبَةِ". وأخَذَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأعْلَاها، ثم طَعَنا بها البُدْنَ. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (28). وإنَّما فَعَلَا ذلك لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أشْرَكَ عليًّا فى بُدْنِهِ. وقال جَابِرٌ: نَحَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا وسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِه، ثم أعْطَى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ (29). ورُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ خَمْسَ بَدَنَاتٍ، ثم قال:"مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (30). فإن لم يَذْبَحْ بِيَدِه، فالمُسْتَحَبُّ أن يَشْهَدَ ذَبْحَها؛ لما رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال لِفاطمةَ:"احْضُرِى أُضْحِيَّتَكِ يُغْفَرْ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا"(31)، ويُسْتَحَبُّ أن يَتَوَلَّى تَفْرِيقَ اللَّحْمِ بِنَفْسِه؛ لأنَّه أَحْوَطُ وأقَلُّ لِلضَّرَرِ على المَسَاكِينِ، وإن خَلَّى بينَه وبينَ المَسَاكِينِ جازَ؛ لِقَولِه عليه السلام:"مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ".
فصل:
ويُباحُ لِلْفُقَراءِ الأخْذُ من الهَدْىِ إذا لم يَدْفَعْهُ إليهم بأحَدِ شَيْئَيْنِ؛ أحدِهما، الإذْنُ فيه لَفْظًا، كما قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ". والثانى، دَلَالَةٌ على الإذْنِ، كالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهم وبَيْنَه. وقال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: لا يُباحُ إلَّا بِاللَّفْظِ. وقَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لِسَائِقِ البُدْنِ: "اصْبُغْ نَعْلَهَا فِى دَمِهَا، وَاضْرِبْ به صَفْحَتَها"(32). دلِيلٌ على أنَّ ذلك وشِبْهَه كَافٍ من غيرِ لَفْظٍ، ولولا ذلك لم يَكُنْ هذا مُفِيدًا.
695 - مسألة؛ قال: (وَلَا يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ وَاجِبٍ إلَّا مِنْ هَدْىِ التَّمَتُّعِ)
المَذْهَبُ أنَّه يَأْكُلُ من هَدْىِ التَّمَتُّعِ (1) والقِرَانِ دونَ ما سِوَاهما. نَصَّ عليه
(28) فى: باب فى الهدى إذا عطب قبل أن يبلغ، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 409.
(29)
تقدم تخريجه فى صفحة 156.
(30)
تقدم تخريجه فى صفحة 301.
(31)
أخرجه عبد الرزاق، فى: باب فضل الضحايا. . .، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 388. والبيهقى، فى: باب ما يستحب من ذبح النسيكة. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 239.
(32)
تقدم تخريجه فى صفحة 439.
(1)
فى أ: "المتعة".
أحمدُ. ولَعَلَّ الخِرَقِىَّ تَرَكَ ذِكْرَ القِرَانِ؛ لأنَّه مُتْعَةٌ، واكْتَفَى بِذِكْرِ المُتْعَةِ، لأنَّهما سَوَاءٌ فى المَعْنَى، فإنَّ سَبَبَهما غيرُ مَحْظُورٍ، فأشْبَها هَدْىَ التَّطَوُّعِ. وهذا قَوْلُ أصْحابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ، أَنَّه لا يَأْكُلُ من المَنْذُورِ (2) وجَزَاءِ الصَّيْدِ، ويَأْكُلُ ممَّا سِوَاهُما. وهو قَوْلُ ابنِ عمرَ، وعَطاءٍ، والحسنِ، وإسحاقَ؛ لأنَّ جَزاءَ الصَّيْدِ بَدَلٌ، والنَّذْرُ جَعَلَهُ للهِ تعالى بِخِلَافِ غيرِهما. وقال ابنُ أبى موسى: لا يَأْكُلُ أيْضًا من الكَفَّارَةِ، ويَأْكُلُ ممَّا سِوَى هذه الثَّلَاثَةِ. ونَحْوُه مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لأنَّ ما سِوَى ذلك لم يُسَمِّه لِلْمَساكِينِ، ولا مَدْخَلَ لِلإِطْعَامِ فيه، فأشْبَهَ التَّطَوُعَ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يَأْكُلُ من وَاجِبٍ؛ لأنَّه هَدْىٌ وَجَبَ بِالإِحْرامِ، فلم يَجُزِ الأكْلُ منه، كدَمِ الكَفَّارَةِ. ولَنا، أنَّ أزوَاجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم تَمَتَّعْنَ معه فى حِجَّةِ الوَدَاعِ (3). وأدْخَلَتْ عائشةُ الحَجَّ على العُمْرَةِ، فصارَتْ قارِنَةً (4)، ثم ذَبَحَ عَنْهُنَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم البَقَرَةَ، فَأكَلْنَ من لُحُومِهَا. قال أحمدُ: قد أكَلَ من البَقَرَةِ أزْوَاجُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فى حَدِيثِ عائشةَ خَاصَّةً. وقالت عائشةُ: إنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ مَن لم يَكُنْ معه هَدْىٌ، إذا طافَ بِالْبَيْتِ، أن يَحِلَّ، فدُخِلَ علينا يومَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فقلتُ: ما هذا؟ فقِيل: ذَبَحَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عن أزْواجِه (5). ورَوَى أبو دَاوُدَ، وابنُ مَاجَه (6)، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَبَح عن آلِ مُحَمَّدٍ فى حِجَّةِ الوَدَاعِ بَقَرَةً. وقال ابنُ عمرَ:
(2) فى أ: "النذر".
(3)
تقدم تخريجه فى صفحة 87.
(4)
تقدم تخريجه فى صفحة 242.
(5)
أخرجه البخارى، فى: باب ما يأكل من البدن. . .، من كتاب الحج، وفى: باب الخروج آخر الشهر. . .، من كتاب الجهاد. صحيح البخارى 2/ 211، 212، 4/ 59، 60. ومسلم، فى: باب بيان وجوه الإحرام. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 876. وابن ماجه، فى: باب فسخ الحج، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 992، 993. والإمام أحمد، فى: المسند 6/ 194، 273.
(6)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى هدى البقر، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 406. وابن ماجه، فى: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1047.