الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرّيَاشِىِّ (9) قال: رأيتُ أحمدَ بن الْمَعَذَّلِ (10) في المَوْقِفِ، في يَوْمٍ [شدِيدِ الحَرِّ](11)، وقد ضَحَى لِلشَّمْسِ، فقلتُ له: يا أبا الفَضْلِ: هذا أمْرٌ قد اخْتُلِفَ فيه، فلو أخَذْتَ بِالتَّوْسِعَةِ. فأنْشَأ يقولُ:
ضَحَيْتُ لَهُ كَىْ أسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ
…
إذا الظِّلُّ أضْحَى في القِيَامَةِ قَالِصَا
فَوَا أسَفَا إنْ كان سَعْيُكَ بَاطِلًا
…
ويَا حَسْرَتَا إنْ كان حَجُّكَ نَاقِصَا
فصل:
ولا بَأْسَ أن يَسْتَظِلَّ بِالسَّقْفِ والحائِطِ والشَّجَرَةِ والخِبَاءِ، وإن نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فلا بَأْسَ أن يَطْرَحَ عليها ثَوْبًا يَسْتَظِلُّ به، عند جَمِيعِ أهْلِ العِلْمِ. وقد صَحَّ به النَّقْلُ، فإنَّ جابِرًا قال في حَدِيثِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وأمَرَ بِقُبَّةٍ من شَعْرٍ، فضُرِبَتْ له بِنَمِرَةَ (12)، فأتَى عَرَفَةَ، فوَجَدَ القُبَّةَ قد ضُرِبَتْ له بِنَمِرَةَ، فنَزَلَ بها، حتى إذا زَاغَتِ الشَّمْسُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وابنُ مَاجَه، وغيرُهما (13). ولا بَأْسَ أيضا أنَّ يَنْصِبَ حِيَالَه ثَوْبًا يَقِيهِ الشَّمْسَ والبَرْدَ، إمَّا أن يُمْسِكَه إنْسَانٌ، أو يَرْفَعَهُ على عُودٍ، على نحوِ ما رُوِىَ في حديثِ أُمِّ الحُصَيْنِ، أنَّ بِلَالًا أو أُسَامَةَ كان رَافِعًا ثَوْبًا يَسْتُرُ به النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم من الحَرِّ (14). ولأنَّ ذلك لا يُقْصَدُ به الاسْتِدَامَةُ، فلم يَكُنْ به بَأْسٌ، كالاسْتِظْلَالِ بِحائِطٍ.
(9) أبو الفضل العباس بن الفرج، كان إماما في اللغة والنحو إخباريا، قتله الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين. العبر 2/ 14.
والقصة والبيتان في ترتيب المدارك 2/ 553 في، وفيه:"المبرد" مكان: "الرياشى".
(10)
أحمد بن المعذل بن غيلان العبدى البصرى، فقيه مالكى متكلم، وكان ورعا متبعا للسنة، من رجال القرن الثالث. طبقات الفقهاء للشيرازى 164، ترتيب المدارك 2/ 550 - 558، الديباج المذهب 1/ 141 - 143.
(11)
في م: "حر شديد".
(12)
نمرة: ناحية بعرفة، وقيل: نمرة الجبل الذى عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف. معجم البلدان 4/ 813.
(13)
يأتي تخريجه في صفحة 156.
(14)
تقدم تخريجه في صفحة 129.