الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عبدِ اللهِ بن عامِرِ بن رَبِيعَةَ، قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَضْحَى للَّه، يُلَبِّى حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، إلَّا غَابَتْ بِذُنُوبِهِ، فَعَادَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". وهى أشَدُّ اسْتِحْبَابًا فى المَوَاضِعِ التى سَمَّى الْخِرَقِىُّ؛ لما رَوَى جَابِرٌ، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّى فى حَجَّتِه إذا لَقِىَ رَاكِبًا، أو عَلَا أكَمَةً (2)، أو هَبَطَ وَادِيًا، وفى أدْبَارِ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَةِ، ومن آخرِ اللَّيْلِ (3). وقال إبْراهيمُ النَّخَعِىُّ: كانوا يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ الصلاةِ المَكْتُوبَةِ، وإذا هَبَطَ وَادِيًا، وإذا عَلَا نَشْزًا (4)، وإذا لَقِىَ رَاكِبًا، وإذا اسْتَوَتْ به رَاحِلَتُه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقد كان قبلُ يقولُ مثلَ قَوْلِ مالِكٍ: لا يُلَبّى عندَ اصْطِدَامِ الرِّفاقِ. وقولُ النَّخَعِىِّ يَدُلُّ على أنَّ السَّلَفَ، رحمهم الله، كانوا يَسْتَحِبُّونَ ذلك، والحَدِيثُ يَدُلُّ عليه أيضا.
فصل:
ويُجْزِئُ من التَّلْبِيَةِ فى دُبُرِ الصلاةِ مَرَّةٌ واحِدَةٌ. قال الأثْرَمُ: قلتُ لأبى عبدِ اللهِ: ما شىءٌ يَفْعَلُه العَامَّةُ، يُلبُّونَ فى دُبُرِ الصلاةِ ثلاثَ مَرَّاتٍ؟ فتَبَسَّمَ، وقال: ما أدْرِى مِن أينَ جاءُوا به؟ قلتُ: أليس يُجْزِئُه مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ؟ قال: بَلَى. وهذا لأنَّ المَرْوِىَّ التَّلْبِيَةُ مُطْلَقًا مِن غير تَقْيِيدٍ، وذلك يَحْصُلُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وهكذا التَّكْبِيرُ فى أدْبارِ الصَّلَوَاتِ فى أيَّامِ الأضْحَى وأَيَّامِ التَّشْرِيقِ. ولا بَأْسَ بالزِّيادَةِ على مَرَّةٍ؛ لأنَّ ذلك زِيَادَةُ ذِكْرٍ وخَيْر، وتَكْرَارُه ثلاثًا حَسَنٌ؛ فإنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ.
فصل: ولا يُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ فى الأمْصَارِ، ولا فى مَساجِدِها، إلَّا فى مَكَّةَ والمَسْجِدِ الحَرامِ؛ لما رُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّه سَمِعَ رَجُلًا يُلَبِّى بالمَدِينَةِ، فقال: إنَّ هذا لَمَجْنونٌ، إنَّما التَّلْبِيَة إذا بَرَزْتَ. وهذا قَوْلُ مَالِكٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُلَبِّى فى المَساجِدِ كُلِّها، ويَرْفَعُ صَوْتَهُ، أخْذًا من عُمُومِ الحديثِ.
(2) الأكمة: التل.
(3)
قال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث ذكره الشيخ فى المهذب، وبيض له النووى والمنذرى، وقد رواه ابن عساكر فى تخريجه لأحاديث المهذب. انظر: تلخيص الحبير 2/ 239.
(4)
النشر: المرتفع من الأرض.