الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ذلك خِلَافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ مَن [أدْرَكَ الوُقُوفَ](40) بِعَرَفَةَ غيرَ طاهِرٍ، مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ. ولا شىءَ عليه. وفى قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لعائشةَ:"افْعَلِى مَا يَفْعَلُ (41) الْحَاجُّ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ"(42). دَلِيلٌ على أنَّ الوُقُوفَ بِعَرَفَةَ على غيرِ طهارةٍ جائِزٌ، ووقفتْ عائشةُ، رَضِىَ اللَّه عنها، بها حائِضًا بِأمْرِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. ويُسْتَحَبُّ أن يكونَ طَاهِرًا. قال أحمدُ: يُسْتَحَبُّ له أن يَشْهَدَ المَناسِكَ كلَّها على وضُوءٍ، كان عَطاءٌ يقولُ: لا يَقْضِى شيئا من المناسِكِ إلَّا على وضُوءٍ.
637 - مسألة؛ قال: (فَإذَا دَفَعَ الْإِمَامُ، دَفَعَ مَعَهُ إلَى مُزْدَلِفَةَ)
الإِمامُ هاهُنا الوَالِى الذي إليه أمْرُ الحَجِّ من قِبَلِ الإِمامِ. ولا يَنْبَغِى لِلنَّاسِ أن يَدْفَعُوا حتى يَدْفَعَ. قال أحمدُ: ما يُعْجِبُنِى أن يَدْفَعَ إلَّا مع الإِمامِ. وسُئِلَ عن رَجُلٍ دَفَعَ قبلَ الإِمامِ بعدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فقال: ما وَجَدْتُ عن أحَدٍ أنَّه سَهَّلَ فيه، كُلُّهم يُشَدِّدُ فيه. فالمُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ حتى يَدْفَعَ الإِمامُ، ثم يَسِيرَ نحوَ المُزْدَلِفَةِ على سَكِينَةٍ ووَقَارٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حين دَفعَ، وقد شَنَقَ لِنَاقَتِهِ (1) القَصْواءِ بِالزِّمامِ، حتى إنَّ رَأْسَها لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِه، ويقولُ بِيَدِه اليُمْنَى:"أيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ". هذا في حديثِ جابِرٍ (2)، وَرُوِىَ عن (3) ابنِ عَبّاسٍ، أنَّه دَفَعَ مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ عَرَفَةَ، فسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ورَاءَه زَجْرًا شَدِيدًا وضَرْبًا لِلْإِبِلِ، فأشارَ بسَوْطِه إليهم، وقال: "أيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ، فَإنَّ الْبِرَّ لَيْسَ
(40) في ب، م:"وقف"، ومكانها في ا:"الواقف".
(41)
في ب، م:"يفعله".
(42)
تقدم تخريجه في صفحة 209.
(1)
سقط من: الأصل، أ.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 156.
(3)
سقط من: الأصل، أ.
بإيضَاعِ الْإِبِلِ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (4). وقال عُرْوَةُ: سُئِلَ أُسامَةُ، وأنا جَالِسٌ، كيف كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ في حِجَّةِ الوَدَاعِ؟ قال: كان يَسِيرُ العَنَقَ (5)، فإذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. قال هِشامُ بن عُرْوَةَ: والنّصُّ فَوْقَ العَنَقِ. مُتَّفَقٌ عليه (6).
638 -
مسألة؛ قال: (ويَكُونُ (1) في الطَّرِيقِ يُلَبِّى (2)، ويَذْكُرُ اللهَ تَعَالَى)
ذِكْرُ اللهِ تعالى مُسْتَحَبٌّ (3) في الأوْقاتِ كُلِّها، وهو في هذا الوَقْتِ أشَدُّ تَأْكِيدًا، لِقَوْلِ اللهِ تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (4). ولأنَّه زَمَنُ الاسْتِشْعارِ بِطاعَةِ اللهِ تعالى، والتَّلَبُّسِ بِعِبادَتِه، والسَّعْىِ إلى شَعائِرِه. وتُسْتَحَبُّ التَّلْبِيَةُ. وذَكَرَ قَوْمٌ أنَّه لا يُلَبِّى. ولَنا، ما رَوَى الفَضْلُ بن عَبّاسٍ، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَزَلْ يُلَبِّى حتى رَمَى الجَمْرَةَ (5). مُتَّفَقٌ عليه (6). وعن عبدِ الرحمنِ بن يَزِيدَ، قال: شَهِدْتُ ابنَ مسعودٍ
(4) في: باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 201.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الدفعة من عرفة، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 446. والنسائي، في: باب الوقوف بعرفة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 207. والدارمى، في: باب الوضع في وادى محسر، من كتاب المناسك. سنن الدارمي 2/ 60. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 269، 277.
(5)
العنق: ضرب من السير فسيح سريع.
(6)
أخرجه البخاري، في: باب السير إذا دفع من عرفة، من كتاب الحج، وفى: باب السرعة في السير، من كتاب الجهاد، وفى: باب حجة الوداع، من كتاب المغازى. صحيح البخاري 2/ 200، 4/ 70، 5/ 226. ومسلم، في: باب الإفاضة من عرفات. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 936. كما أخرجه أبو داود، في: باب الدفعة من عرفة، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 447. والنسائي، في: باب كيف السير من عرفة، وباب الرخصة للضعفة أن يصلوا يوم النحر الصبح بمنى، من كتاب الحج. المجتبى 5/ 208، 216. وابن ماجه، في: باب الدفع من عرفة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1004. والإِمام مالك، في: باب السير في الدفعة، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 392.
(1)
في ب، م:"ويكبر".
(2)
سقط من: ب، م.
(3)
في أ، ب، م:"يستحب".
(4)
سورة البقرة 198.
(5)
في أ: "جمرة العقبة".
(6)
أخرجه البخاري، في: باب التلبية والتكبير. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 204. =