الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَابِرٍ، قال: كُنَّا نَنْحَرُ البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ. فَقِيلَ له: والبَقَرَةُ؟ فقال: وهَلْ هى إلَّا من البُدْنِ! فأمَّا فى النَّذْرِ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُه ما نَوَاهُ. فإن أطْلَقَ، ففيه (4) رِوَايتانِ؛ إحْدَاهُما، تُجْزِئُه البَقَرَةُ؛ لما ذَكَرْنا من الخَبَرِ. والأُخْرَى، لا تُجْزِئُه إلَّا أنْ يَعْدَمَ البَدَنَةَ. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها بَدَلٌ، فاشْتُرِطَ عَدَمُ المُبْدَلِ. والأُولَى (5) أوْلَى؛ لِلْخَبَرِ، ولأنَّ ما أجْزَأَ عن سَبْعَةٍ فى الهَدَايَا ودَمِ المُتْعَةِ، أجْزَأَ فى النَّذْرِ بِلَفْظِ البَدَنَةِ، كالجَزُورِ.
فصل:
ويجوزُ أن يَشْتَرِكَ السَّبْعَةُ فى البَدَنَةِ والبَقَرَةِ، سواءٌ كان وَاجِبًا أو تَطَوُّعًا، وسَوَاءٌ أرَادَ جَمِيعُهم القُرْبَةَ، أو بَعْضُهم، وأرَادَ البَاقُونَ اللَّحْمَ. وقال مَالِكٌ: لا يجوزُ الاشْتِرَاكُ فى الهَدْىِ. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ إذا كانوا مُتَقَرِّبين (6) كلُّهم، ولا يجوزُ إذا لم يُرِدْ بَعْضُهم القُرْبَةَ. وحَدِيثُ جابِرٍ يَرُدُّ قَوْلَ مَالِكٍ. ولَنا على أبى حنيفةَ، أنَّ الجُزْءَ (7) المُجْزِىَ لا يَنْقُصُ بِإرَادَةِ الشَّريكِ غيرَ القُرْبَةِ، فَجازَ، كما لو اخْتَلَفَتْ جهاتُ القُرَبِ، فأرادَ بَعْضُهُم المُتْعَةَ والآخَرُ القِرَانَ، ويجوزُ أن يَقْتَسِمُوا اللَّحْمَ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرَازُ حَقٍّ، وليستْ بَيْعًا.
699 - مسألة؛ قال: (وَمَا لَزِمَ مِنَ الدِّمَاءِ، فَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ والثَّنِىُّ مِنْ غَيْرِهِ)
هذا فى غيرِ جَزاءِ الصَّيْدِ، فأمَّا جَزاءُ الصَّيْدِ، فمنه جَفْرَةٌ وعَنَاقٌ وجَدْىٌ وصَحِيحٌ ومَعِيبٌ، وأمَّا فى غيرِه، مثلِ هَدْىِ المُتْعَةِ وغيرِه، فلا يُجْزِئُ إلَّا الجَذَعُ مِن الضَّأْنِ، وهو الذى له سِتَّةُ أشْهُرٍ، والثَّنِىُّ مِن غيرِه، وثَنِىُّ المَعْزِ ما لَهُ سَنَةٌ،
(4) فى م: "فعنه".
(5)
فى م: "والأول".
(6)
فى النسخ: "متفرقين".
(7)
فى الأصل: "الجزاء".
وثَنِىُّ البَقَرِ مالَهُ سَنَتَانِ، وَثَنِىُّ الإِبِلِ ما له خَمْسُ سِنِينَ. وبهذا قال مالِكٌ، واللَّيْثُ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال ابنُ عمرَ، والزُّهْرِىُّ: لا يُجْزِئُ إلَّا الثَّنِىُّ مِن كُلِّ شىءٍ. وقال عَطاءٌ، والأوْزاعِىُّ: يُجْزِئُ الجَذَعُ مِن الكُلِّ، إلَّا المَعْزَ. ولَنا على الزُّهْرِىِّ، ما رُوِىَ عن أُمِّ بلالٍ بنت هِلالٍ، عن أبِيها، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"يَجُوزُ (1) الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً". وعن عاصِمِ ابن كُلَيْبٍ، قال: كُنَّا مع رجلٍ مِن أصْحابِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يُقالُ له مُجَاشِعٌ، مِن بَنِى سُلَيْمٍ، فعَزَّتِ الغَنَمُ، فأمَرَ مُنَادِيًا فنَادَى: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ: "إنَّ الْجَذَعَ يُوفِى مَا تُوفِى مِنْهُ الثَّنِيَّةُ". وعن جابِرٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعًا مِنَ الضَّأْنِ". رَوَاهُنَّ ابنُ مَاجَه. ورَوَى حَدِيثَ جابِرٍ مُسْلِمٌ وأبو داوُدَ (2). وهذا حُجَّةٌ على عطاءٍ، والأوْزَاعِىِّ. وحَدِيثُ أبى بُرْدَةَ بن نِيَارٍ، حين قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ عِنْدِى عَنَاقًا جَذَعًا، هى خَيْرٌ مِن شَاتَىْ لَحْمٍ. فقال:"تُجْزِئُكَ، وَلَا تُجْزِئ عَنْ أحَدٍ بَعْدَكَ". أخْرَجَه أبو داوُدَ، والنَّسائِىُّ (3). وفى لَفْظٍ: إنَّ عِنْدِى
(1) فى الأصل: "لا يجوز". وفى م: "لا يجوز إلا".
(2)
فى: باب ما تجزئ من الأضاحى، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1049.
كما أخرجه الأول الإمام أحمد، فى: المسند 6/ 368.
وأخرج الثانى أبو داود، فى: باب ما يجوز فى الضحايا من السنن، من كتاب الاًضاحى. سنن أبى داود 2/ 87. والنسائى، فى: باب السنة والجذعة، من كتاب الأضاحى. المجتبى 7/ 193. والإمام أحمد، فى: المسند 5/ 368.
وأخرج مسلم حديث جابر، فى: باب سن الأضحية، من كتاب الأضاحى. صحيح مسلم 3/ 1555. وأبو داود، فى: باب ما يجوز فى الضحايا من السن، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود 2/ 86. والنسائى، فى: باب المسنة والجذعة، من كتاب الضحايا. المجتبى 7/ 192. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 213، 312، 327.
(3)
أخرجه أبو داود، فى: باب ما يجوز فى الضحايا من السن، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود
2/ 87. وسبق تخريجه عند النسائى والإمام أحمد، فى الجزء الرابع صفحة 50. =