الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالطِّيبِ فى بَدَنِه ورَأْسِه ورِجْلَيْهِ.
فصل:
وإن فَعَلَ مَحْظُورًا من أجْناسٍ، فحَلَقَ، ولَبِسَ، وتَطَيَّبَ، وَوَطِئَ، فعليه لِكُلِّ وَاحِدٍ فِدْيَةٌ، سَواءٌ فعلَ ذلك مُجْتَمِعًا أو مُتَفَرِّقًا. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وعن أحمدَ، أنَّ فى الطِّيبِ واللُّبْسِ والحَلْقِ فِدْيَةً واحِدَةً، وإن فعلَ ذلك واحِدًا بعد وَاحِدٍ فعليه لِكُلِّ وَاحِدٍ دَمٌ. وهو قَوْلُ إسْحاقَ. وقال عَطاءٌ، وعَمْرُو بن دِينَارٍ: إذا حَلَقَ، ثم احْتَاجَ إلى الطِّيبِ، أو إلى قَلَنْسُوَةٍ، أو إليهما، ففعلَ ذلك، فليس عليه إلَّا فِدْيَةٌ واحدةٌ (9). وقال الحسنُ: إن لَبِسَ القَمِيصَ وتعَمَّمَ وتَطَيَّبَ، فعلَ ذلك جَمِيعًا، فليس عليه إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. ونحوُ ذلك عن مَالِكٍ. ولَنا، أنَّها مَحْظُورَاتٌ مُخْتَلِفَةُ الأجْناسِ، فلم تَتَدَاخَلْ أجْزاؤُها، كالحُدُودِ المُخْتَلِفَةِ، والأيْمانِ المُخْتَلِفَةِ. وعَكْسُه ما إذا كان من جِنْسٍ واحِدٍ.
681 -
مسألة؛ قال: (وَإنْ لَبِسَ أوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، ويَخْلَعُ اللِّبَاسَ، ويَغْسِلُ الطِّيبَ، ويَفْرَغُ (1) إلَى التَّلْبِيَةِ)
المشهورُ فى المذهبِ أنَّ المُتَطَيِّبَ أو اللَّابِسَ ناسِيًا أو جاهِلًا لا فِدْيَةَ عليه. وهو مذهبُ عَطاءٍ، والثَّوْرِيِّ، وإسحاقَ، وابْنِ المُنْذِرِ. وقال أحمدُ: قال سفيانُ: ثلاثةٌ فى [الحَجِّ، العَمْدُ](2) والنِّسْيَانُ سَوَاءٌ؛ إذا أتَى أهْلَهُ، وإذا أصابَ صَيْدًا، وإذا حَلَقَ رَأْسَهُ. قال أحمدُ: إذا جَامَعَ أهْلَهُ بَطَلَ حَجُّهُ. لأنَّه شىءٌ لا يَقْدِرُ على رَدِّهِ، والصَّيْدُ إذا قَتَلَهُ فقد ذَهَبَ لا يَقْدِرُ على رَدِّه، والشَّعْرُ إذا حَلَقَه فقد ذَهَبَ، فهذه الثلاثةُ العَمْدُ والخَطَأُ والنِّسْيانُ فيها سواءٌ، وكلُّ شىءٍ من النِّسيانِ بعدَ الثَّلَاثَةِ فهو يَقْدِرُ على رَدِّهِ، مثلُ إذا غَطَّى المُحْرِمُ رَأْسَه ثم ذَكَرَ، ألْقَاهُ عن رَأْسِهِ، وليس
(9) سقط من: ب، م.
(1)
فى ب، م هنا وفيما يأتى:"وينزع"
(2)
فى ب، م:"الجهل".
عليه شىءٌ، أو لَبِسَ خُفًّا، نَزَعَهُ، وليس عليه شىءٌ. وعنه رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ عليه الفِدْيَةَ فى كلِّ حَالٍ. وهو مذهبُ مالِكٍ، واللَّيْثِ، والثَّوْرِىِّ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّه هَتَكَ حُرْمَةَ الإِحْرامِ، فاسْتَوَى عَمْدُه وسَهْوُه، كحَلْقِ الشَّعْرِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السلام:"عُفِىَ لِأُمَّتِى عَنِ الْخَطَأِ، والنِّسْيَانِ، وما اسْتُكْرِهُوا عليه"(3). ورَوَى يَعْلَى بنُ أُمَيَّةَ، أنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، وهو بِالجِعْرَانَةِ (4)، وعليه جُبَّةٌ، وعليه أثَرُ خَلُوقٍ، أو قال: أثَرُ صُفْرَةٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، كيف تَأْمُرُنِى أن أصْنَعَ فى عُمْرَتِى؟ قال:"اخْلَعْ عَنْكَ هذِهِ الجُبَّةَ، واغْسِلْ عَنْكَ أثَرَ هذا (5) الخَلُوقِ" أو قال: "أثَرَ الصُّفْرَةِ، واصْنَعْ فى عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فى حَجِّكَ". مُتَّفَقٌ عليه (6). وفى لَفْظٍ، قال: يا رسولَ اللهِ، أحْرَمْتُ بِالعُمْرَةِ، وعَلَىَّ هذه الجُبَّةُ. فلم يَأْمُرْهُ بِالفِدْيَةِ مع مَسْأَلَتِه عمَّا يَصْنَع، وتَأْخِيرُ البَيَانِ عن وَقْتِ الحاجَةِ غيرُ جائِزٍ إجْماعًا، دَلَّ على أنَّه عَذَرَهُ لِجَهْلِه، والجَاهِلُ والنَّاسِى وَاحِدٌ، ولأنَّ الحَجَّ عِبَادَةٌ يَجِبُ بإِفْسَادِها الكَفَّارَةُ، فكان [فى مَحْظُورَاتِه ما](7) يُفرَّقُ بين عَمْدِه وسَهْوِهِ، كالصَّوْمِ، فأمَّا الحَلْقُ وقَتْلُ الصَّيْدِ، فهو إتْلَافٌ لا يُمْكِنُ (8) تَلَافِيهِ، [وفى مسألتنا هو تَرَفُّهٌ، فإذا كان ساهِيًا فلم يَقْصِدْه، ويُمْكِنُ تَلَافِيه](9) بِإزَالَتِهِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ النَّاسِىَ مَتَى ذَكَرَ، فعليه غَسْلُ الطِّيبِ وخَلْعُ اللِّبَاسِ فى الحَالِ، فإن أَخَّرَ ذلك عن زَمَنِ الإِمْكانِ، فعليه الفِدْيَةُ. فإن قِيلَ: فلم لا يجوزُ له اسْتِدَامَةُ الطِّيبِ هاهُنا، كالذى يَتَطَيَّبُ قبل
(3) تقدم تخريجه فى 1/ 146.
(4)
ماء بين الطائف ومكة، وهى إلى مكة أدني.
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
تقدم تخريجه فى صفحة 290.
(7)
فى ب، م:"من محظوراته أنه ما".
(8)
فى ت، م زيادة:"رد".
(9)
سقط من: ب، م.