الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
633 - مسألة؛ قال: (وَمَضَى إلَى مِنًى،
فَصَلَّ
ى بِهَا الظُّهْرَ إنْ أمْكَنَهُ؛ لِأَنَّهُ رُوِىَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّهُ صَلَّى بِمِنًى خَمْسَ صَلَوَاتٍ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ المُسْتَحَبَّ أن يَخْرُجَ مُحْرِمًا من مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فيُصَلِّىَ الظُّهْرَ بمنًى، ثمَّ يُقِيمَ حتَّى يُصَلِّىَ بها الصَّلَواتِ الخَمْسَ، ويَبِيتَ بها؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذلك. كما جاءَ فى حديثِ جابِرٍ (1)، وهذا قَوْلُ سفيانَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا. وليس ذلك وَاجِبًا فى قَوْلِهم جميعا. قال ابنُ المُنْذِرِ: ولا أحْفَظُ عن غيرِهم خِلافَهم. وتَخَلَّفَتْ عائشةُ ليلةَ التَّرْوِيَةِ حتَّى ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ، وصَلَّى ابنُ الزُّبَيْرِ بمَكَّةَ.
فصل: فإن صادَفَ يومُ التَّرْوِيَةِ يومَ جمعةٍ، فمَن أقامَ بمَكَّةَ حتَّى تَزُولَ الشمسُ، [ممَّن تَجِبُ عليه الجمعةُ](2)، لم يَخْرُجْ حتَّى يُصَلِّيَها؛ لأنَّ الجمعةَ فَرْضٌ، والخُرُوجُ إلى مِنًى فى ذلك الوَقْتِ غيرُ فَرْضٍ. فأمَّا قبلَ الزَّوالِ، فإن شاءَ خَرَجَ، وإن شاءَ أقَامَ حتَّى يُصَلِّىَ، فقد رُوِىَ أنَّ ذلك وَافَقَ أيَّامَ عمرَ بن عبدِ العزيزِ، فخَرَجَ إلى مِنًى. وقال عَطاءٌ: كُلُّ مَن أدْرَكتُ يَصْنَعُونَه، أدْركْتُهم يُجَمِّعُ بمَكَّةَ إمامُهم ويَخْطُبُ، ومَرَّةً لا يُجَمِّعُ ولا يَخْطُبُ. فعلَى هذا إذا خرجَ الإمامُ، أمَرَ بعضَ مَن تَخَلَّفَ أن يُصَلِّىَ بِالنَّاسِ الجمعةَ. وقال أحمدُ: إذا كان وَالِى مَكَّةَ بمَكَّةَ يومَ الجمعةِ، يُجَمِّعُ بهم. قِيلَ له: يَركَبُ من مِنًى، فيَجِىءُ إلى مَكَّةَ، فيُجَمِّعُ بهم؟ قال: لا، إذا كان هو بعدُ بِمَكَّةَ.
634 - مسألة؛ قال: (فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، دَفَعَ إلَى عَرفَةَ، فَأقَامَ بِهَا حَتَّى يُصَلِّىَ الظُّهْرَ والعَصْرَ، بإقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وإنْ أذَّنَ فَلَا بَأْسَ، وَإنْ فَاتَهُ مَعَ الْإمَامِ صَلَّى فى رَحْلِهِ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المُسْتَحَبَّ أن يَدْفَعَ إلى المَوْقِفِ مِن مِنًى إذا طَلَعَتِ الشمسُ
(1) أى الطويل، وتقدم تخريجه فى صفحة 156.
(2)
سقط من: الأصل.
يَوْمَ عَرَفَة، فيُقِيمَ بِنَمِرَة، وإن شاءَ بِعَرَفَةَ، حتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، ثم يَخْطُبَ الإمامُ خُطْبَةً، يُعَلِّمُ النَّاسَ فيها مَنَاسِكَهم، من مَوْضِعِ الوُقُوفِ وَوَقْتِه، والدَّفْعِ من عَرَفَات، ومَبِيتِهم بمُزْدَلِفَةَ، وأخْذِ الحَصَى لِرَمْىِ الجِمَارِ؛ لما تَقَدَّمَ فى حديثِ جابِرٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذلك (1)، ثمَّ يَأْمُرُ بالأذانِ، فيَنْزِلُ فَيُصَلِّى الظُّهْرَ والعَصْرَ، يَجْمَعُ بينهما، ويُقِيمُ لِكُلِّ صلاةٍ إقَامَةً. وقال أبو ثَوْرٍ: يُؤَذِّنُ المُؤذِّنُ إذا صَعِدَ الإِمام المِنْبَرَ فجَلَسَ، فإذا فَرَغَ المُؤذِّنُ، قامَ الإِمامُ فخَطَبَ. وقِيلَ: يُؤَذِّنُ فى آخِرِ خُطْبَة الإِمام. وحديثُ جابِرٍ يَدُلُّ على أنَّه أذَّنَ بعدَ فَرَاغِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم من خُطْبَتِه. وكيفما فعل فحَسَنٌ. وقَوْلُه: "وإن أذَّنَ فلا بَأْسَ". كأنَّه ذهبَ إلى أنَّه مُخَيَّرٌ بين أن يُؤَذِّنَ لِلْأُولَى أو لا يُؤَذِّنَ. وكذا قال أحمدُ؛ لأنَّ كُلًّا مَرْوِىٌّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. والأذانُ أوْلَى. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال مَالِكٌ: يُؤَذِّنُ لِكُلِّ صلاةٍ. واتِّبَاعُ ما جَاءَ فى السُّنَّةِ أَوْلَى، وهو مع ذلك مُوَافِقٌ لِلْقِياسِ، كما فى سَائِرِ المَجْمُوعاتِ والفَوَائِتِ. وقَوْلُ الخِرَقِىِّ:"فإن فَاتَهُ مع الإِمامِ صَلَّى فى رَحْلِه". يَعْنِى أنَّ المُنْفَرِدَ (2) يَجْمَعُ كما يَجْمَعُ مع الإمامِ، فَعَلَهُ ابنُ عمرَ. وبه قال عَطاءٌ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وصاحِبا أبي حنيفةَ. وقال النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا يَجْمَعُ إلَّا مع الإمامِ؛ [لأنَّ لكلِّ صلاةٍ وَقْتًا مَحْدُودًا، وإنَّما تُرِكَ ذلك فى الجَمْعِ مع الإمامِ](3)، فإذا لم يكنْ إمامٌ، رَجَعْنَا إلى الأصْلِ. ولَنا، أنَّ ابنَ عمرَ كان إذا فَاتهُ الجَمْعُ بين الظهرِ والعصرِ، مع الإمامِ بِعَرَفَةَ، جَمَعَ بينهما مُنْفَرِدًا. ولأنَّ كلَّ جمعٍ جازَ مع الإِمامِ جازَ مُنْفَرِدًا، كالجَمْعِ بين العِشاءَيْنِ بجَمْعٍ (4). وقَوْلُهم: إنَّما جازَ الجَمْعُ فى الجماعةِ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّهم قد سَلَّمُوا أنَّ الإِمامَ يَجْمَعُ وإن كان مُنْفَرِدًا.
(1) تقدَّم تخريج الحديث فى صفحة 156.
(2)
فى أ، ب، م:"المفرد".
(3)
سقط من: ب، م.
(4)
جمع: المزدلفة.