الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ جميعَ رَأْسِه، تَفْسِيرًا لِمُطْلَقِ الأمْرِ به (23)، فيَجِبُ الرُّجُوعُ إليه، ولأنَّه نُسُكٌ تَعَلَّقَ بِالرَّأْسِ فوَجَبَ اسْتِيعَابُه به، كالمَسْحِ. فإن كان الشَّعْرُ مَضْفُورًا، قَصَّرَ من رُءُوسِ ضَفَائِرِه. كذلك قال مَالِكٌ: تُقَصِّرُ المَرْأةُ من جميعِ قُرُونِها. ولا يَجِبُ التَّقْصِيرُ من كلِّ شَعْرَةٍ؛ لأنَّ ذلك لا يُعْلَمُ إلَّا بِحَلْقِه.
فصل:
وأىُّ قَدْرٍ قَصَّرَ منه أجْزَأَهُ؛ لأنَّ الأمْرَ به مُطْلَقٌ فيَتَنَاوَلُ الأقَلَّ. وقال أحمدُ: يُقَصِّرُ قَدْرَ الأُنْمُلَةِ. وهو قولُ ابنِ عمرَ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرٍ. وهذا مَحْمُولٌ على الاسْتِحْبابِ؛ لِقَوْلِ ابنِ عمرَ: وبِأَىِّ شيْءٍ قَصَّرَ (24) الشَّعْرَ أجْزَأَهُ. وكذلك لو نَتَفَه، أو أزَالَهُ بِنُورَةٍ؛ لأنَّ القَصْدَ إزَالَتُهُ، والأمْرُ به مُطْلَقٌ، فيَتَنَاوَلُ مَا يَقَعُ عليه الاسْمُ، ولكن السُّنَّةَ الحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ، اقْتِدَاءً بِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِه، ويُسْتَحَبُّ البِدَايَةُ بِالشِّقِّ الأَيْمَنِ. نَصَّ عليه؛ لما رَوَى أنَسٌ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لِلْحَلَّاقِ:"خُذْ". وأشارَ إلى جَانِبهِ الأيْمَنِ، ثمَّ الأيْسَرِ، ثمَّ جَعَلَ يُعْطِيه النَّاسَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (25). وكان النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُه التَّيامُنُ فى شَأْنِه كُلِّه. مُتَّفَقٌ عليه (26). قال أحمدُ: يَبْدَأُ بِالشِّقِّ الأَيْمَنِ، حتَّى يُجَاوِزَ العَظْمَتَيْنِ (27). وإن قَصَّرَ من شَعْرِ رَأْسِه ما نَزَلَ عن حَدِّ الرَّأْسِ، أو ممَّا يُحَاذِيهِ، جَازَ؛ لأنَّ المَقْصُودَ التَّقْصِيرُ، وقد حَصَلَ، بِخِلافِ المَسْحِ فى الوُضُوءِ؛ فإنَّ الوَاجِبَ المَسْحُ على الرَّأْسِ، وهو ما تَرَأَّس وعَلَا.
(23) فى أ: "فيه".
(24)
فى أ، ب، م:"قص".
(25)
فى: باب بيان أن السُّنَّة يوم النَّحر أن يرمى، ثمَّ بنحر. . .، من كتاب الحجّ. صحيح مسلم
2/ 947.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب الحلق والتقصير، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 457. والترمذى، فى: باب بأى جانب الرأس يبدأ فى الحلق، من أبواب الحجّ. عارضة الأحوذى 4/ 145، 146.
(26)
تقدَّم تخريجه، فى: 1/ 136.
(27)
فى الأصل: "العظمين".