الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى، مِن أجْلِ سِقَايَتِه. مُتَّفَقٌ عليه (5). وتَخصِيصُ العَبَّاسِ بِالرُّخْصَةِ لِعُذْرِهِ دَلِيلٌ على أنَّه لا رُخْصَةَ لِغيرِهِ. وعن ابنِ عَبّاسٍ، قال: لم يُرَخِّصِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لأحَدٍ يَبِيتُ بِمَكَّةَ، إلَّا لِلْعَبَّاسِ (6)، من أجْلِ سِقَايَتِه. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (7). ورَوَى الأثْرَمُ، عن ابنِ عمرَ، قال: لا يَبِيتَنَّ أحَدٌ مِن الحَاجِّ إلَّا بِمِنًى. وكان يَبْعَثُ رِجَالًا لا يدَعُونَ أحَدًا يَبِيتُ وَرَاءَ العَقَبَةِ. ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ نُسُكًا، وقد قال:"خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ"(8).
فصل:
فإن تَرَكَ المَبِيتَ بِمِنًى، فعن أحمدَ: لا شىءَ عليه، وقد أساءَ. وهو قَوْلُ أصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيه بِشىءٍ. وعنه يُطْعِمُ شيئًا. وخَفَّفَهُ، ثم قال: قد قال بَعْضُهم: ليس عليه. وقال إبراهيمُ: عليه دَمٌ. وضَحِكَ، ثم قال: دَمٌ بِمَرَّةٍ، شَدَّدْتُمُوه (9). قلتُ: ليس إلَّا أن يُطْعِمَ شيئا؟ قال: نعم، يُطْعِمُ شيئًا تَمْرًا أو نَحْوَهُ. فعلى هذا أىُّ شىءٍ تَصَدَّقَ به أجْزَأَهُ، ولا فَرْقَ بين لَيْلَةٍ وأكْثَرَ؛ [لأَنَّه لا] (10) تَقْدِيرَ فيه. وعنه: فى اللَّيَالِى الثَّلَاث دَمٌ؛ لِقَوْلِ ابنِ عَبّاسٍ: مَن تَرَكَ من
(5) أخرجه البخارى، فى: باب سقاية الحاج، وباب هل يبيت أصحاب السقاية. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 191، 217. ومسلم، فى: باب وجوب المبيت بمنى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 953.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب يبيت بمكة ليالى منى، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 454. وابن ماجه، فى: باب البيتوتة بمكة ليالى منى، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1019. والدارمى، فى: باب فى من يبيت بمكة ليالى منى، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 75. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 19، 22، 28، 88.
(6)
فى أ، ب، م:"العباس".
(7)
فى: باب البيتوتة بمكة ليالى منى، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1019.
(8)
تقدم تخريجه فى صفحة 230.
(9)
فى أ، ب، م:"ثم شدد بمرة".
(10)
فى ب، م:"ولا".
نُسُكِهِ شيئا، [فإنَّه يُهْرِق] (11) دَمًا. وفيما دُونَ الثَّلَاثِ ثلاثُ رِوَايَاتٍ [وقال عَطاءٌ: فى كُلِّ حَصاةٍ دِرْهَمٌ] (12). وهو قوْلُ الشَّافِعِىِّ (13). وهذا لا نَظِيرَ له، فإنَّنا لا نَعْلَمُ فى تَرْكِ شىءٍ من المَنَاسِكِ دِرْهَمًا، ولا نِصْفَ دِرْهَمٍ، فإيجَابُه بغيرِ نَصٍّ تَحَكُّمٌ لا وَجْهَ له. واللهُ أعلمُ.
656 -
مسألة؛ قال: (فَإذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ، وزَالَتِ الشَّمْسُ، رَمَى الجَمْرَةَ الأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيقِفُ عِنْدَها، ويَرْمِى (1)، ويَدْعُو، ثُمَّ يَرْمِى الْجَمْرَةَ (2) الوُسْطَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ أيْضًا، ويَدْعُو، ثم يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ولا يَقِفُ عِنْدهَا)
قد ذَكَرْنَا أنَّ جُمْلَةَ ما يَرْمِى به الحاجُّ سبعون حَصاةً، سَبْعَةٌ منها يَرْمِيها يَوْمَ النَّحْرِ، بعدَ طُلُوعِ الشمسِ. وسَائِرُها فى أيَّامِ التَّشْرِيقِ الثلاثة، بعدَ زَوالِ الشمسِ، كلَّ يَوْمٍ إحْدَى وعِشْرِينَ حَصاةً، لِثلاثِ جَمَرَاتٍ، يَبْتَدِئُ بِالجَمْرَةِ الأُولَى، وهى أبْعَدُ الجَمَراتِ من مَكَّةَ، وتَلِى مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فيَجْعَلُها عن يَسارِهِ، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ويَرْمِيها بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، [كما وَصَفْنَا فى جَمْرَةِ الْعَقَبةِ، ثم يتقَدَّمُ عنها إلى مَوْضِعٍ لا يُصِيبُه الْحَصَى، فيَقِفُ طويلًا يدْعُو اللهَ تعالى](3)، رَافِعًا يَدَيْهِ، ثم يَتَقَدَّمُ إلى الوُسْطَى فيَجْعَلُها عن يَمِينِه، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ويَرْمِيها بِسَبْعِ حَصَياتٍ، ويَفْعَلُ من الوُقُوفِ والدُّعَاءِ كما فَعَلَ فى الأُولَى، ثم يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ
(11) فى أ: "أو نسيه فإنه يهرق". وفى ب، م:"أو نسيه فليهرق".
وتقدم تخريجه فى صفحة 69.
(12)
سقط من: ب، م.
(13)
فى م بعد هذا زيادة: "إحداهن فى كل واحدة مد والثانية درهم والثالثة نصف درهم". وفى حاشيتها أن هذه الزيادة من الشرح الكبير لأن الكلام لا يتم إلَّا بها.
(1)
سقط من: الأصل، أ.
(2)
سقط من: ب، م.
(3)
سقط من: ب، م.
بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ويَسْتَبْطِنُ الوَادِى، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ولا يَقِفُ عِنْدَها. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. ولا نَعْلَمُ فى جَمِيعِ ما ذَكَرْنَا خِلافًا، إلَّا أنَّ مَالِكًا قال: ليس بِمَوْضِعٍ لِرَفْعِ اليَدَيْنِ. وقد ذَكَرْنَا الخِلافَ فيه عند رُؤْيَةِ البَيْتِ (4). وقال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ، أيَقُومُ الرجُلُ عندَ الجَمْرَتَيْنِ إذا رَمَى؟ قال: إِى لَعَمْرِى شَدِيدًا، ويُطِيلُ القِيامَ أيضا. قيل: فإلى أيْنَ يَتَوَجَّهُ فى قِيَامِه؟ قال: إلى القِبْلَةِ، ويَرْمِيها فى بَطْنِ الوَادِى. والأصْلُ فى هذا ما رَوَتْ عائشةُ، قالت: أفاضَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من آخِرِ يَوْمِه حين صَلَّى الظهرَ، ثم رَجَعَ إلى مِنًى، فمَكَثَ بها لَيالِىَ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِى الجَمْرَةَ إذا زَالَتِ الشمسُ، كلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مع (5) كلِّ حَصاةٍ، ويَقِفُ عندَ الاُّولَى والثانيةِ، فيُطِيلُ القِيامَ، ويَتَضَرَّعُ، ويَرْمِى الثَّالِثَةَ، ولا يَقِفُ عندَها. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (6). وعن ابنِ عمرَ، أنَّه كان يَرْمِى الجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ على إثْرِ كلِّ حَصَاةٍ، ثم يَتَقَدَّمُ، ويَسْتَهِلُّ، ويقومُ قِيَامًا طَوِيلًا، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثم يَرْمِى الوُسْطَى، ثم يَأْخُذُ بِذَاتِ الشّمَالِ، فيَسْتَهِلُّ، ويقومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، [ثم يَرْفَعُ يَدَيْه، ويقومُ طويلًا، ثم يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِن بَطْنِ الْوادِى، ولا يَقِفُ عندَها](7)، ثم يَنْصَرِفُ، ويقولُ: هكذا رأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ (8). ورَوَى أبو دَاوُدَ، أنَّ ابنَ عمرَ كان يَدْعُو بِدُعائِه الذى دَعَا به بِعَرَفَةَ، ويَزِيدُ: وأصْلِحْ أو أَتِمَّ (9) لنا مَنَاسِكَنَا. وقال ابنُ
(4) تقدم هذا فى صفحة 211.
(5)
فى الأصل: "عند".
(6)
تقدم تخريجه، في: صفحة 324.
(7)
سقط من: ب، م.
(8)
فى: باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى، وباب الدعاء عند الجمرتين، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 218، 219.
كما أخرجه النسائى، فى: باب الدعاء بعد رمى الجمار، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 225. والدارمى، فى. باب الرمى من بطن الوادى. . .، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 63.
(9)
فى ب، م:"وأتم".