الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
والمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَاجِبٌ، مَن تَرَكَهُ فعليه دَمٌ. هذا قَوْلُ عَطاءٍ، والزُّهْرِىِّ، وقَتَادَةَ، والثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال عَلْقَمَةُ، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ: مَن فَاتَهُ جَمْعٌ فَاتَهُ الحَجُّ؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} . وقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذلِكَ لَيْلًا أوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وقَضَى تَفَثَهُ"(11). ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"الحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ قَبْلَ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ"(12). يَعْنِى مَن جاءَ عَرَفَةَ. وما احْتَجُّوا به من الآيَةِ والخَبَرِ، فالمَنْطُوقُ به (13) فيهما ليس بِرُكْنٍ في الحَجِّ إجْمَاعًا، فإنَّه لو باتَ بِجَمْعٍ، ولم يَذْكُرِ اللهَ تعالى، ولم يَشْهَدِ الصَّلَاةَ فيها، صَحَّ حَجُّهُ، فما هو من ضَرُورَةِ ذلك أوْلَى، ولأنَّ المَبِيتَ ليس مِن ضَرُورَةِ ذِكْرِ اللهِ تعالى بها، وكذلك شُهُودُ صَلَاةِ الفَجْرِ، فإنَّه لو أفَاضَ من عَرَفَةَ في آخِرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، أمكَنَهُ ذلك، فيَتَعَيَّنُ حَمْلُ ذلك على مُجَرَّدِ الإِيجَابِ، أو (14) الفَضِيلَةِ، أو (14) الاسْتِحْبَابِ.
فصل: ومَن بَاتَ بِمُزْدَلِفَةَ، لم يَجُزْ له الدَّفْعُ قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فإن دَفَعَ بعدَه، فلا شَىءَ عليه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: إن مَرَّ بها ولم يَنْزِل، فعليه دَمٌ، فإن نَزَلَ، فلا دَمَ عليه متى ما شاءَ (15) دَفَعَ. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم باتَ بها، وقال:"خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ"(16). وإنَّما أُبِيحَ الدَّفْعُ بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ بما وَرَدَ من الرُّخْصَةِ فيه، فرَوَى ابنُ عَبّاسٍ، قال: كُنْتُ في مَن قَدَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في
(11) تقدم تخريجه في صفحة 273.
(12)
تقدم تخريجه في صفحة 268.
(13)
سقط من: ب، م.
(14)
في الأصل بواو العطف.
(15)
سقط من: أ، ب، م.
(16)
تقدم تخريجه في صفحة 230.
ضَعَفَةِ أهْلِه مِن مُزْدَلِفَة إلى مِنًى (17). وعن أسْماءَ، أنَّها نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عند دَارِ المُزْدَلِفَةِ، فقامَتْ تُصَلِّى، فصَلَّتْ، ثم قالتْ: هل غابَ القمرُ؟ قلتُ (18): نعم. قالتْ: فارْتَحِلُوا. فارْتَحَلْنَا، ومَضَيْنَا حتى رَمَتِ الجَمْرَةَ، ثم رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ في مَنْزِلِها، قُلْتُ لها: أي هَنْتَاهْ (19)، ما أُرَانَا إلَّا غَلَّسْنَا (20). قالتْ: كَلَّا يا بُنَىَّ، إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أذِنَ لِلظُّعُنِ (21). مُتَّفَقٌ عليهما (22). وعن عائشةَ قالتْ: أرْسَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرَةَ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفاضَتْ. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (23). فمن دَفَعَ مِن جَمْعٍ قبل نِصْفِ اللَّيْلِ، ولم يَعُدْ في اللَّيْلِ، فعليه دَمٌ، وإن عادَ فيه (24)، فلا دَمَ عليه، كالذى دَفَعَ
(17) أخرجه البخاري، في: باب من قدم ضعفة أهله بليل. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 202. ومسلم، في: باب استحباب تقديم دفع الضعفة. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 941.
كما أخرجه أبو داود، في: باب التعجيل من جمع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 450. وابن ماجه، في: باب من تقدم من جمع. . .، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1007. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 221، 222.
(18)
القائل هو عبد اللَّه مولى أسماء.
(19)
أى: يا هذه.
(20)
التغليس: ضد الإِسفار، أي: لقد تقدمنا على الوقت المشروع.
(21)
الظعن: جمع ظعينة، وهى المرأة في الهودج.
(22)
أخرجه البخاري، في: باب من قدم ضعفة أهله بليل. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 202. ومسلم، في: باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 940.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 6/ 347، 351. والبيهقى، في: باب من أجاز رميها. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 133.
(23)
في: باب التعجيل من جمع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 450.
كما أخرجه الدارقطني، في: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 276.
(24)
سقط من: الأصل.