الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْزِلُه خَارِجَ الحَرَمِ، قَرِيبًا منه، فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ أَنَّه لا يَخْرُجُ حتَّى يُوَدِّعَ البَيْتَ. وهذا قولُ أبي ثَوْرٍ، وقِياسُ قَوْلِ مَالِكٍ. ذَكَرَهُ ابنُ القاسِمِ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ، فى أهْلِ بُسْتان ابن عامِرٍ (4)، وأهْلِ المَوَاقِيت: إنَّهم بِمَنْزِلَةِ أهْلِ مَكَّةَ فى طَوافِ الوَدَاعِ؛ لأنَّهم مَعْدُودُونَ من حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرَامِ، بِدَلِيلِ سُقُوطِ دَمِ المُتْعَةِ عنهم. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه صلى الله عليه وسلم:"لَا يَنْفِرَنَّ أحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالبَيْتِ". ولأنَّه خَارِجٌ من مَكَّةَ، فَلَزِمَهُ التَّوْدِيعُ، كالبَعِيدِ.
فصل:
فإن أَخَّرَ طَوافَ الزِّيَارَةِ، فطَافَهُ عند الخُرُوجِ، ففيه رِوَايتانِ: إحْدَاهُما، يُجْزِئُه عن طَوافِ الوَدَاعِ؛ [لأنَّه أُمِرَ أن يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالبَيْتِ، وقد فَعَلَ، ولأنَّ ما شُرِعَ (5) لِتَحِيَّةِ المَسْجِدِ أَجْزَأَ عنه الوَاجِبُ من جِنْسِه، كتَحِيَّةِ المَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ تُجْزِئُ عنهما المَكْتُوبَةُ، [ورَكْعتا الإِحْرامِ ورَكْعتا الطَّوافِ تُجْزِئُ عنهما المَكْتوبةُ](6). وعنه، لا يُجْزِئُه عن طَوَافِ الوَدَاعِ] (7)، لأنَّهما عِبادَتانِ وَاجِبَتانِ، فلم تُجْزِ إحْدَاهما عن الأُخْرَى، كالصلاتَيْنِ الوَاجِبَتَيْنِ.
661 - مسألة؛ قال: (فَإنْ وَدَّعَ وَاشْتَغلَ فى تِجَارَةٍ، عَادَ فَوَدَّعَ، [ثُمَّ رَحَلَ]
(1))
قد ذَكَرْنا أنَّ طَوافَ الوَدَاعِ إنَّما يكونُ عند خُرُوجِهِ، لِيكونَ آخِرُ عَهْدِه
(4) هو بستان ابن مَعْمَر، وهذه تسمية العامة له، وهو مجتمع النخلتين النخلة اليمانية والنخلة الشامية. وقيل: بستان ابن مَعْمَر غير بستان ابن عامر، الأوَّل هو الذى يعرف ببطن نخلة، والثانى موضع آخر قريب من الجحفة. معجم البلدان 1/ 610.
(5)
فى الأصل: "فعل".
(6)
سقط من: أ، ب، م.
(7)
سقط من: أ. نقلة نظر.
(1)
سقط من: أ، ب، م.
بِالبَيْتِ، فإن طافَ لِلْوَدَاعِ، ثمَّ اشْتَغَلَ بِتِجَارَةٍ أو إقَامَةٍ، فعليه إعَادَتُه. وبهذا قال عَطاءٌ، ومَالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إذا طافَ لِلْوَدَاعِ، أو طَافَ تَطَوُّعًا بعدَ ما حَلَّ له النَّفْرُ، أجْزَأهُ عن طَوَافِ الوَدَاعِ، وإن أقَامَ شَهْرًا أو أكْثَرَ، لأنَّه طَافَ بعدَ ما حَلَّ له النَّفْرُ، فلم يَلْزَمْهُ إعَادَتُه، كما لو نَفَرَ عَقِيبَهُ. ولَنا، قَوْلُه عليه السلام:"لَا يَنْفِرَنَّ أحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِه بِالْبَيْتِ"(2). ولأنَّه إذا أقَامَ بَعدَه، خَرَجَ عن أن يَكُونَ وَدَاعًا فى العَادَةِ، فلم يُجْزِهِ، كما لو طَافَهُ قبل حِلِّ النَّفْرِ. فأمَّا إن قَضَى حَاجَةً فى طَرِيقِه، أو اشْتَرَى زَادًا أو شيئًا لِنَفْسِه فى طَرِيقِه، لم يُعِدْه؛ لأنَّ ذلك ليس بإقامَةٍ تُخْرِجُ طَوَافَه عن أن يَكُونَ آخِرَ عَهْدِه بِالبَيْتِ، وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، ولا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لهما.
662 -
مسألة؛ قال: (فَإِنْ خرَجَ قَبْلَ الوَدَاعِ، رَجَعَ إنْ كَانَ بالقُرْبِ، وَإنْ بَعُدَ (1)، بَعَثَ بِدَمٍ)
هذا قَوْلُ عَطاءٍ، والثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأبِى ثَوْرٍ. والقَرِيبُ هو الذى بَيْنَهُ وبين مَكَّةَ دُونَ مَسافَةِ القَصْرِ. والبَعِيدُ مَن بَلَغَ مَسَافَةَ القَصْرِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ. وكان عَطاءٌ يَرَى الطَّائِفَ قَرِيبًا. وقال الثَّوْرِىُّ: حَدُّ ذلك الحَرَمُ، فمَن كان فى الحَرَمِ فهو قَرِيبٌ، ومن خَرَجَ منه فهو بَعِيدٌ. ووَجْهُ القَوْلِ الأوَّلِ، أنَّ مَنْ دُونَ مَسافَة القَصْرِ فى حُكْمِ الحَاضِرِ، فى أنَّه لا يَقْصُرُ ولا يُفْطِرُ، ولذلك عَدَدْنَاهُ من حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ، وقد رُوِىَ أن عُمَرَ رَدَّ رَجُلًا من مُرٍّ (2) إلى مَكَّةَ، لِيكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ. رَوَاه سَعِيدٌ. ومَن (3) لم يُمْكِنْه
(2) تقدَّم تخريجه فى صفحة 336.
(1)
فى الأصل: "أبعد".
(2)
مر، بالضم: واد فى بطن إضم. وقيل هو بطن إضم. معجم البلدان 4/ 495. وإضم: ماء يطأه الطريق بين مكة واليمامة. معجم البلدان 1/ 305.
وليس المراد بطن مر، بفتح الميم، لأنَّه داخل فى الحرم.
(3)
فى ب، م:"وإن".