الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
فإن تَرَكَ بعضَ الطَّوَافِ، فهو كما لو تَرَكَ جَمِيعَه، فيما ذَكَرْنَا. وسَوَاءٌ تَرَكَ شَوْطًا أو أقَلَّ أو أَكْثَرَ. وهذا قولُ عَطاءٍ، ومَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: مَن طافَ أرْبَعَةَ أشْوَاطٍ مِن طَوافِ الزِّيَارَةِ، أو طَوَافِ العُمْرَةِ، وسَعَى بين الصَّفَا والمَرْوَةِ، ثمَّ رجع إلى الكُوفَة، إنَّ سَعْيَهُ يُجْزِئُه، وعليه دَمٌ؛ لما تَرَكَ من الطَّوافِ بِالبَيْتِ. ولَنا، أنَّ ما أتَى به لا يُجْزِئُه إذا كان بِمَكَّةَ، فلا يُجْزِئُه إذا خرج منها، كما لو طافَ دون الأرْبَعَة أشْوَاطٍ (2).
فصل: وإذا تَرَكَ طَوافَ الزِّيارَةِ، بعدَ رَمْىِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، فلم يَبْقَ مُحْرِمًا إلَّا عن النِّساءِ خَاصَّةً؛ لأَنَّه قد حَصَلَ (3) له التَّحَلُّلُ الأوَّلُ بِرَمْىِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، [فلم يَبْقَ مُحْرِمًا إلَّا عن النِّساءِ خَاصَّةً](4). وإن وَطِئَ لم يَفْسُدْ حَجُّهُ، ولم تَجِبْ عليه بَدَنَةٌ، لكن عليه دَمٌ، ويُجَدِّدُ إحْرَامَه لِيَطُوفَ فى إحْرَامٍ صَحِيحٍ. قال أحْمدُ: مَن طافَ لِلزِّيارَةِ، أو اخْتَرَق الحِجْرَ فى طَوَافِه، ورَجَعَ إلى بَغْدَادَ، فإنَّه يَرْجِعُ؛ لأنَّه على بَقِيَّةِ إحْرَامِهِ، فإن وَطِئ النِّساءَ، أحْرَمَ من التَّنْعِيمِ، على حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ (5) وعليه دَمٌ. وهذا كما قُلْنَا.
665 - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْوَدَاعِ، لَمْ يُجْزِئْهُ لِطَوَافِ الزِّيارَةِ)
وإنَّما لم يُجْزِئْهُ عن طَوافِ الزِّيَارَةِ؛ لأنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ شَرْطٌ فيه، على ما ذَكَرْنَا، فمَن طافَ لِلْوَدَاعِ، فلم يُعَيِّن النِّيَّةَ له، فلذلك (1) لم يَصِحَّ.
(2) كذا. وصوابه: "الأشواط".
(3)
فى الأصل: "حل".
(4)
فى الأصل: "حل له كل شىء غير النِّساء".
(5)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 69.
(1)
فى أ، ب، م:"فكذلك".
666 -
مسألة؛ قال: (ولَيْسَ فِى عَمَلِ الْقَارِنِ زَيادَةٌ على عَمَلِ المُفْرِدِ، إلَّا أنَّ عَلَيْهِ دَمًا، فإنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، آخِرُها يَوْمُ عَرَفَةَ، وسَبْعَةً (1) إذَا رَجَعَ)
المَشْهورُ عن أحمدَ، أنَّ القَارِنَ بين الحَجِّ والعُمْرَةِ، لا يَلْزَمُه من العَمَلِ إلَّا ما يَلْزَمُ المُفْرِدَ، وأَنَّه يُجْزِئُه طَوافٌ وَاحِدٌ، وسَعْىٌ وَاحِدٌ، لِحَجِّه وعُمْرَتِه. نَصَّ عليه فى رِوايَةِ جَمَاعَةٍ من أصْحابِه. وهذا قولُ ابْنِ عمرَ، وجابرِ بن عبدِ اللهِ (2)، وبه قال عَطاءٌ، وطاوُسٌ، ومُجاهِدٌ، ومَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وعن أحمدَ رِوَايَةٌ ثانيةٌ، أنَّ عليه طَوافَيْنِ وسَعْيَيْنِ. ويُرْوَى ذلك عن الشَّعْبِىِّ، وجابِرِ بن زيدٍ، وعبدِ الرحمنِ بن الأَسْوَدِ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، والحسنُ بن صالِحٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقد رُوِىَ عن عليٍّ، ولم يَصِحَّ عنه. واحْتَجَّ بعضُ مَن اخْتارَ ذلك بِقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (3). وتَمَامُهما، أن يَأْتِىَ بِأفْعالِهما على الكَمالِ، ولم يُفَرِّقْ بين القَارِنِ وغيرِه. ورُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ والْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ طَوَافَانِ"(4). ولأنَّهما نُسُكانِ، فكان لهما طَوافانِ، كما لو كانا مُنْفَرِدَيْنِ. ولَنا، ما رُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: وأمَّا الَّذِينَ كانوا جَمَعُوا بين الحَجِّ والعُمْرَةِ، فإنَّما (5) طافُوا لهما طَوافًا واحدًا. مُتَّفَقٌ عليه (6). وفى مُسْلِمٍ (7)، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال لِعائشةَ، لمَّا
(1) فى أزيادة: "أيَّام".
(2)
فى الأصل: "زيد". خطأ. وسيرد بعد قليل.
(3)
سورة البقرة 196.
(4)
أخرجه الدارقطنى من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فى: باب فى المواقيت. سنن الدارقطنى 2/ 258، 263. وحكاه الترمذى قولًا عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فى: باب ما جاء أن القارن يطوف طوافًا واحدًا، من أبواب الحجّ. عارضة الأحوذى 4/ 173.
(5)
فى أ، ب، م:"فإنهم".
(6)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 242.
(7)
أخرجه مسلم، فى: باب بيان وجوه الإحرام، من كتاب الحجّ. صحيح مسلم 2/ 879.
كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند 6/ 124.
قَرَنَتْ بين الحَجِّ والعُمْرَةِ: "يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وعُمْرَتِكِ". وعن ابنِ عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ والعُمْرَةِ، أجْزَأَةُ طَوَافٌ وَاحِدٌ، وسَعْىٌ واحِدٌ مِنْهُمَا (8) جَمِيعًا". وعن جابِرٍ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ بين الحَجِّ والعُمْرَةِ، فطافَ لهما طَوافًا واحدًا. رَوَاهُما التِّرْمِذِىُّ (9)، وقال فى كلِّ وَاحِدٍ (10) منهما: حَدِيثٌ حَسَنٌ. ورَوَى لَيْثٌ، عن طَاوُسٍ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، عن جابِرٍ، وابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يَطُفْ بِالبَيْتِ (11) هو وأصْحَابُه لِعُمْرَتِهِمْ وحَجِّهِمْ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا. رَوَاهُ الأثْرَمُ، وابنُ مَاجَه (12). وعن سَلَمَةَ، قال: حَلَفَ طاوُسٌ، ما طافَ أحَدٌ من أصْحَابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم لِلْحَجِّ والعُمْرَةِ إلَّا طَوافًا واحدًا. ولأنَّه نَاسِكٌ يَكْفِيهِ حَلْقٌ (13) وَاحِدٌ، وَرَمْىٌ واحِدٌ، فكَفَاهُ طَوافٌ وَاحِدٌ، وسَعْىٌ واحِدٌ، كالمُفْرِدِ، ولأنَّهما عِبادَتانِ من جِنْسٍ واحدٍ، فإذا اجْتَمَعَتَا (14) دَخَلَتْ أفْعالُ الصُّغْرَى فى الكُبْرَى، كالطَّهَارَتَيْنِ. وأمَّا الآيةُ، فإنَّ الأفْعالَ إذا وَقَعَتْ لهما فقد تَمَّا. وأمَّا الحَدِيثُ الذى احْتَجُّوا به، فلا نَعْلَمُ صِحَّتَهُ، ورَوَاهُ الدَّارَقُطْنِىُّ مِن طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ، فى بَعْضِها الحسنُ بن عُمارَةَ، وفى بعضِها عمرُ بن يَزِيدَ، وفى بعضِها حَفْصُ بن أبي دَاوُدَ، وكلُّهم ضُعَفاءُ، وكفَى به ضَعْفًا مَخالَفتُه (15) لما رَوَيْنَا من الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ. وإن صَحَّ، فيَحْتَمِلُ أنَّه اُرادَ:
(8) فى أ، ب، م:"عنهما". والمثبت فى: الأصل، وسنن الترمذى. وفى السنن:"أجزأه طواف واحد وسعى واحد منهما حتَّى يحل منهما جميعا".
(9)
فى: باب ما جاء أن القارن يطوف طوافًا واحدًا، من أبواب الحجّ. عارضة الأحوذى 4/ 173، 174.
كما أخرج الأوَّل ابن ماجه، فى: باب طواف القارن، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 990.
(10)
سقط من: أ.
(11)
سقط من: الأصل.
(12)
أخرجه ابن ماجه، فى: باب طواف القارن، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 990.
(13)
فى الأصل: "حلاق".
(14)
فى الأصل: "اجتمعا".
(15)
فى أ، ب، م:"معارضته".