الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغَيْرِها. ولأنَّ رَمْىَ هذه الجَمْرَةِ ممَّا يُسْتَحَبُّ البِدَايَةُ به في هذا اليَوْمِ عندَ قُدُومِهِ، ولا يُسَنُّ عِنْدَها وُقُوفٌ، ولو سُنَّ له المَشْىُ إليها لَشَغَلَه النُّزُولُ عن البِدَايَةِ بها، والتَّعْجِيلِ إليها، بِخِلافِ سَائِرِها.
فصل:
وَلِرَمْىِ هذه الجَمْرَةِ وَقْتَانِ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ، ووَقْتُ إجْزاءٍ؛ فأمَّا وَقْتُ الفَضِيلَةِ فبعدَ طُلُوعِ الشمسِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ علماءُ المسلمين على أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم[إنَّما رَمَاها ضُحَى ذلك اليومِ. وقال جابرٌ: رَأيْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم](11) يَرْمِى الجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَحْدَهُ ورَمَى [بعدَ ذلك](12) بعدَ زَوَالِ الشمسِ. أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (13). وقال ابنُ عَبّاسٍ: قَدِمْنَا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُغَيْلِمَةَ (14) بَنِى عبدِ المُطَّلِب على حُمُرَاتٍ (15) لَنا مِن جَمْعٍ، فجَعَلَ يَلْطَحُ (16) أفْخَاذَنَا، ويقولُ:"أُبَيْنِىَّ (17)، لَا تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ". رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (18). ولأنَّ (19) رَمْيَها بعد طُلُوعِ الشمسِ يُجْزِئُ بالإِجْمَاعِ، وكان أوْلَى.
= في: باب استحباب النزول. . .، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 131.
ورواية الإمام أحمد، وأبو داود، والبيهقى:"بعد يوم النحر. . .".
(11)
سقط من: الأصل. نقلة نظر.
(12)
سقط من: الأصل.
(13)
في: باب بيان وقت استحباب الرمى، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 945.
كما أخرجه الدارمي، في: باب في جمرة العقبة. . .، من كتاب المناسك. سنن الدارمي 2/ 61. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 312، 313.
(14)
أغيلمة: تصغير أغلمة، والمراد الصبيان.
(15)
حمرات: جمع حُمُر، جمع حمار.
(16)
في النسخ: "يلطخ" تصحيف. واللطح: الضرب بالكف، وليس بالشديد.
(17)
في أ، ب، م:"أبنى عبد المطلب". وبَيْنِيّ: تصغير بَنِيَّ، جمع ابن مضافا إلى النفس.
(18)
في: باب من تقدم من جمع. . .، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1007.
كما أخرجه أبو داود، في: باب التعجيل من جمع، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 450. والنسائي، في: باب النهى عن رمى جمرة العقبة قبل طلوع الشمس، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 220. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 234، 311، 343.
(19)
في ب، م:"وكان".
وأمَّا وَقتُ الجَوازِ، فأَوَّلُه نِصْفُ اللَّيْلِ مِن لَيْلَةِ النَّحْرِ. وبذلك قال عَطاءٌ، وابنُ أبى لَيْلَى، وعِكْرِمَةُ بن خالِدٍ، والشَّافِعِىُّ (20). وعن أحمدَ أنَّه يُجْزِئُ بعدَ (21) الفَجْرِ قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وهو قَوْلُ مالِكٍ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ، وإسحاقَ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال مُجاهِدٌ، والثَّوْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ: لا يَرْمِيها إلَّا بعدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لما رَوَيْنَا منَ الحَدِيثِ. ولَنا، ما رَوَى أبو دَاوُدَ (22)، عن عائشةَ، رَضِىَ اللَّه عنها، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتْ جَمْرَةَ العَقَبَةِ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفَاضَتْ. ورُوِىَ أنَّه أمَرَهَا أن تُعَجِّلَ الإفاضَةَ، وتُوَافِىَ مَكَّةَ بعدَ صلاةِ الصُّبْحِ (23). واحْتَجَّ به أحمدُ. وقد ذَكَرْنَا في حديثِ أسْمَاءَ (24)، أنَّها رَمَتْ، ثم رَجَعَتْ، فصَلَّتِ الصُّبْحَ، وذَكَرَتْ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أذِنَ للظُّعُن، ولأنَّه وَقْتٌ لِلدَّفْعِ من مُزْدَلِفَةَ، فكان وَقْتًا لِلرَّمْىِ، كبعد طُلُوعِ الشمسِ، والأَخْبارُ المُتَقَدِّمَةُ مَحْمُولَةٌ على الاسْتِحْبابِ. وإن أخَّرَ الرَّمْىَ إلى آخِرِ النَّهارِ، جازَ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ، على أنَّ مَن رَماها يومَ النَّحْرِ قبلَ المَغِيبِ، فقد رَماها [في وَقْتٍ لها](25)، وإن لم يكن مُسْتَحَبًّا لها. ورَوَى ابنُ عَبّاسٍ، قال: كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْألُ يومَ النَّحْرِ بِمِنًى، قال رجلٌ: رَمَيْتُ بعدَ ما أمْسَيْتُ؟ فقال: "لَا حَرَجَ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (26). فإن أَخَّرَها إلى اللَّيْلِ، لم يَرْمِها حتى تَزُولَ الشمسُ
(20) سقط من: أ.
(21)
في ازيادة: "طلوع".
(22)
تقدم تخريجه في صفحة 285.
(23)
أخرجه البيهقى، في: باب من أجاز رميها بعد نصف الليل، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 133.
(24)
تقدم تخريجه في صفحة 285.
(25)
سقط من: الأصل.
(26)
في: باب الذبح قبل الحلق، وباب إذا رمى بعدما أمسى. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 212، 214، 215.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الحلق والتقصير، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 458. والنسائى، في: باب الرمى بعد المساء، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 221. وابن ماجه، في: باب من قدم نسكًا قبل نسك، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1013. والدارقطني، في: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطني 2/ 253، 254.