الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
ومِن شَرْطِ وُجُوبِ الدَّمِ عليه أنْ لا يكونَ من حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرَامِ، فى قَوْلِ جُمْهُورِ العُلَماءِ. وقال ابنُ المَاجِشُون: عليه دَمٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالى إنَّما أسْقَطَ الدَّمَ [عن المُتَمَتِّعِ](7)، وليس هذا مُتَمَتِّعًا. وليس هذا بِصَحِيحٍ؛ فإنَّنا قد ذَكَرْنَا أنَّه مُتَمَتِّعٌ، وإن لم يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فهو فَرْعٌ عليه، ووُجُوبُ الدَّمِ على القَارِنِ إنَّما كان بِمَعْنَى النَّصِّ على المُتَمَتِّعِ، فلا يجوزُ أن يُخَالِفَ الفَرْعُ أصْلَهُ.
668 -
مسألة؛ قال: (وَمَنِ اعْتَمَرَ فِى أَشْهُرِ الحَجِّ، فَطَافَ وسَعَى، وَحَلَّ (1)، ثُمَّ أحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِه، ولم يَكُنْ خرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى ما تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، عَلَيْهِ دَمٌ)
الكَلَامُ فى هذه المسألةِ فى فُصولٍ: أحدُها، وُجوبُ الدَّمِ على المُتَمَتِّعِ فى الجُمْلَةِ. وأجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ عليه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ مَن أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فى أَشْهُرِ الحَجِّ من أَهْلِ الآفاقِ من المِيقاتِ، وقَدِمَ مَكَّةَ ففَرَغَ منها، وأقامَ بها، وحَجَّ من عَامِه، أنَّه مُتَمَتِّعٌ، وعليه الهَدْىُ إن وَجَدَ، وإلَّا فالصِّيامُ. وقد نَصَّ اللهُ تعالى عليه بِقَوْلِه تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [الآية. وقال ابنُ عمرَ: تَمَتَّعَ النّاسُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ](2)، فلمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لِلنَّاسِ:"مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ (3) أهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وبِالصَّفَا والمَرْوَةِ، ولْيُقَصِّرْ، ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالحَجِّ ويُهْدِى، فَمَنْ لم يَجِدْ هَدْيًا، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فى الحَجِّ، وسَبْعَةً إذا رَجَعَ إلى أَهْلِه". مُتَّفَقٌ عليه (4). وقال جابِرٌ: كُنَّا نَتَمَتَّعُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، فنَذْبَحُ (5) البَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ، نَشْتَرِكُ فيها.
(7) سقط من: ب، م.
(1)
سقط من: أ، ب، م.
(2)
تكرر فى: الأصل، أ. والآية هى السادسة والتسعون بعد المائة من سورة البقرة.
(3)
فى الأصل: "منهم".
(4)
تقدم تخريجه فى صفحة 241.
(5)
فى الأصل: "فيذبح". وفى ا، ب، م:"فذبح". وأثبتنا لفظ مسلم.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ (6). وعن أبى جَمْرَةَ (7)، قال: سألتُ ابنَ عَبَّاسٍ عن المُتْعَةِ. فأمَرَنِى بها، وسألتُه عن الهَدْىِ، فقال: فيها جَزُورٌ، أو بَقَرَةٌ، أو شَاةٌ، أو شِرْكٌ (8) من دَمٍ. مُتَّفَقٌ عليه (9). والدَّمُ الوَاجِبُ شَاةٌ، أو سُبْعُ [بَقَرَةٍ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ](10)، فإن نَحَرَ بَدَنَةً، أو ذَبَحَ بَقَرَةً، فقد زادَ خَيْرًا. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال مَالِكٌ: لا يُجْزِئُ إلَّا بَدَنَةٌ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا تَمَتَّعَ، سَاقَ بَدَنَةً. وهذا تَرْكٌ لظَاهِرِ قَوْلِه تعالى:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} . واطِّرَاحٌ لِلْآثارِ الثَّابِتَةِ، وما احْتَجُّوا به فلا حُجَّةَ فيه؛ فإنَّ إهْداءَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لِلبَدَنَةِ لا يَمْنَعُ إجْزَاءَ ما دُونَها، فإنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قد سَاقَ مِائةَ بَدَنَةٍ، ولا خِلَافَ فى أنَّ ذلك ليس بِوَاجِبٍ، ولا يَجبُ أن تكونَ البَدَنَةُ التى يَذْبَحُها على صِفَةِ بُدْنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ثم إنَّهم يقولون: إنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كان مُفْرِدًا فى حَجَّتِه (11). ولذلك ذَهَبُوا إلى تَفْضِيلِ الإفْرَادِ، فكيف يكونُ سَوْقُه للبُدْنِ (12) دَلِيلًا لهم فى التَّمَتُّعِ، ولم يَكُنْ مُتَمَتِّعًا! الفصلُ الثانى، فى الشُّرُوطِ التى يَجِبُ الدَّمُ على مَن اجْتَمَعَتْ فيه، وهى خَمْسَةٌ؛ الأَوَّلُ، أنْ يُحْرِمَ بِالعُمْرَةِ فى أشْهُرِ الحَجِّ، فإن أحْرَمَ بها فى غيرِ أشْهُرِهِ، لم يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، سَوَاءٌ
(6) فى: باب الاشتراك فى الهدى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 956.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى البقر والجزور، عن كم تجزئ؟ من كتاب الضحايا. سنن أبى داود 2/ 89. والنسائى، فى: باب ما تجزئ عنه البقرة فى الضحايا، من كتاب الضحايا. المجتبى 7/ 195.
(7)
فى الأصل: "حمزة". تحريف.
(8)
أى مشاركة فى دم، حيث يجزئ الشىء الواحد عن جماعة.
(9)
أخرجه البخارى، فى: باب التمتع والإقران. . .، وباب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 176، 204. ومسلم، فى: باب جواز العمرة فى أشهر الحج، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 911.
(10)
فى الأصل: "بدنة أو بقرة".
(11)
فى ب، م:"حجه".
(12)
فى الأصل: "للبدنة".
وَقَعَتْ أَفْعالُها فى أَشْهُرِ الحَجِّ، أو فى غيرِ أشْهُرِه. نَصَّ عليه أحمدُ. قال الأثْرَمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ، سُئِلَ عَمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، ثم قَدِمَ فى شَوَّالٍ، أَيَحِلُّ من عُمْرَتِه فى شَوَّال، أو يكونُ مُتَمَتِّعًا؟ فقال: لا يكونُ مُتَمَتِّعًا. واحْتَجَّ بحديثِ جابِرٍ، وذَكَرَ إسْنَادَه عن أبى الزُّبَيْرِ، أنَّه سَمِعَ جَابِرَ بنَ عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن امْرَأَةٍ تَجْعَلُ على نَفْسِها عُمْرَةً فى شَهْرٍ مُسَمًّى، ثم تَحِلُّ إلَّا لَيْلَةً واحِدَةً، ثم تَحِيضُ؟ قال: لتَخْرُجْ. ثم لْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثم لْتَنْتَظِرْ (13) حتى تَطْهُرَ، ثم لْتَطُفْ بِالْبَيْتِ. قال أبو عبدِ اللهِ: فجعل عُمْرَتَها فى الشَّهْرِ الذى أَهَلَّتْ فيه، لا فى الشَّهْرِ الذى حَلَّتْ فيه. ولا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ خلَافًا فى أنَّ مَن اعْتَمَرَ فىَ غيرِ أَشْهُرِ الحَجِّ عُمْرَةً، وحَلَّ منها قبلَ أَشْهُرِ الحَجِّ، أنَّه لا يكونُ مُتَمَتِّعًا، إلَّا قَوْلَيْنِ شَاذَّيْنِ، أحدُهما عن طَاوُسٍ، أنَّه قال: إذا اعْتَمَرْتَ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، ثم أَقَمْتَ حتى الحَجِّ، فأنْتَ مُتَمَتِّعٌ. والثانى عن الحسنِ، أنَّه قال: مَنِ اعْتَمَرَ بعدَ النَّحْرِ، فهى مُتْعَةٌ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا نَعْلَمُ أحَدًا قال بوَاحِدٍ من هذينِ القَوْلَيْنِ. فأمَّا إنْ أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ فى غيرِ أَشْهُرِ الحَجِّ، ثم حَلَّ منها فى أَشْهُرِه (14)، فمذهبُ أَحمدَ أنَّه لا يكونُ مُتَمَتِّعًا. ونُقِلَ مَعْنَى ذلك عن جابِرٍ، وأبى عِياضٍ (15). وهو قولُ إسحاقَ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وقال طَاوُسٌ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذى يَدْخُلُ فيه الحَرَمَ. وقال الحسنُ، والحَكَمُ، وابنُ شُبْرُمَةَ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذى يَطُوفُ فيه. وقال عَطاءٌ: عُمْرَتُه فى الشَّهْرِ الذى يَحِلُّ فيه. وهو قَوْلُ مَالِكٍ. وقال أبو حنيفةَ: إنْ طافَ لِلْعُمْرَةِ أرْبَعَةَ أشْواطٍ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، فليس بمُتَمَتِّعٍ. وإن طافَ الأَرْبَعَةَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، فهو مُتَمَتِّعٌ؛ لأنَّ العُمْرَةَ صَحَّتْ فى أَشْهُرِ الحَجِّ؛ بِدَلِيلِ أنَّه لو وَطِئَ أفْسَدَها، أشْبَهَ إذا أحْرَمَ بها فى أَشْهُرِ الحَجِّ. ولَنا، ما ذَكَرْنَا عن جابِرٍ، ولأنَّه أتَى بِنُسُكٍ لا تَتِمُّ العُمْرَةُ إلَّا به فى غيرِ
(13) فى الأصل: "تنتظر".
(14)
فى أ، ب، م:"أشهر الحج".
(15)
أبو عياض عمرو بن الأسود العنسى، تابعى من العلماء الثقات، توفى فى خلافة معاوية. تهذيب التهذيب 8/ 4 - 6.
أَشْهُرِ الحَجِّ، فلم يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، كما لو طافَ. ويُخَرَّجُ عليه ما قَاسُوا عليه. الثانى، أن يَحُجَّ من عَامِه، فإن اعْتَمَرَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، ولم يَحُجَّ ذلك العامَ، بل حَجَّ من العامِ القَابِلِ (16)، فليس بمُتَمَتِّعٍ. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا قَوْلًا شَاذًّا عن الحسنِ، فى مَن اعْتَمَرَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، فهو مُتَمَتِّعٌ، حَجَّ أو لم يَحُجَّ. والجُمهورُ على خِلافِ هذا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (17). وهذا يَقْتَضِى المُوَالَاةَ بينهما، ولأنَّهم إذا أَجْمَعُوا على أنَّ مَن اعْتَمَرَ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ، ثم حَجَّ من عَامِه ذلك، فليسَ بِمُتَمَتِّعٍ، فهذا أوْلَى من التَّبَاعُدِ بينهما أكْثَرَ. الثالث، أنْ لا يُسافِرَ بين العُمْرَةِ والحَجِّ سَفَرًا بَعِيدًا تُقْصَرُ فى مثلِه الصلاةُ. نَصَّ عليه أحمدُ (18).: رُوِىَ ذلك عن عَطاءٍ، [والمُغِيرَةِ الْمَدِينِىِّ](19)، وإسحاقَ. وقال الشَّافِعِىُّ: إن رَجَعَ إلى المِيقَاتِ، فلا دَمَ عليه. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن رَجَعَ إلى مِصْرِه، بَطَلَتْ مُتْعَتُه (20)، وإلَّا فلا. [وقال مَالِكٌ: إن رَجَعَ إلى مِصْرِه، أو إلى غيرِه أَبْعَدَ من مِصْرِه، بَطَلَتْ مُتْعَتُه، وإلَّا فلا] (21). وقال الحسنُ: هو مُتَمَتِّعٌ وإن رَجَعَ إلى بَلَدِه. واخْتَارَه ابنُ المُنْذِرِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} . ولَنا، ما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: إذا اعْتَمَرَ فى أشْهُرِ الحَجِّ، ثم أقَامَ (22):
(16) فى أ: "المقبل".
(17)
سورة البقرة 196.
(18)
سقط من: ب، م.
(19)
فى أ، ب، م:"والمغيرة والمدينى".
والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومى، فقيه المدينة بعد مالك، مات بعد مالك بسبع سنين. انظر ترجمته فى تهذيب التهذيب 10/ 265.
(20)
فى الأصل: "عمرته".
(21)
سقط من: أ. نقلة نظر.
(22)
فى أ، ب، م:"قام".
فهو مُتَمَتِّعٌ. فإن خَرَجَ ورَجَعَ، فليس بمُتَمَتِّعٍ. وعن ابنِ عمرَ نحوُ ذلك. ولأنَّه إذا رَجَعَ إلى المِيقَاتِ، أو ما دُونَه، لَزِمَهُ الإحْرَامُ منه، فإن كان بَعِيدًا فقد أنْشَأَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَجِّهِ، فلم يَتَرَفَّهْ بأحَدِ السَّفَرَيْنِ، فلم يَلْزَمْه دَمٌ، كَمَوْضِعِ الوِفَاقِ. والآيَةُ تَنَاوَلَتِ المُتَمَتِّعَ، وهذا ليس بِمُتَمَتِّعٍ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِ عمرَ. الرَّابِع، أنْ يَحِلَّ من إحْرَامِ العُمْرَةِ قبلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، فإن أدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ قَبلَ حِلِّه منها، كما فَعَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم والَّذِينَ كان معهم الهَدْىُ من أَصْحابه، فهذا يَصِيرُ قَارِنًا، ولا يَلْزَمُه دَمُ المُتْعَةِ. قالتْ عائشةُ: خَرَجْنَا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عامَ حَجَّةِ الوَداعِ، فأهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، فقَدِمْتُ مَكَّةَ وأنا حَائِضٌ، لم أطُفْ بِالْبَيْتِ، ولا بين الصَّفَا والمَرْوَةِ، فشَكَوْتُ ذلك إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"انْقُضِى رَأْسَكِ، وامْتَشِطِى، وأَهِلِّى بِالحَجِّ، ودَعِى العُمْرَةَ". قالتْ: ففَعَلْتُ، فلمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ، أَرْسَلَنِى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مع عبدِ الرحمنِ بن أبِى بكرٍ إلى التَّنْعِيمِ، فاعْتَمَرْتُ معه، فقال:"هذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ". قال عُرْوَةُ: فقَضَى اللهُ حَجَّها وعُمْرَتَها، ولم يكُنْ فى شىءٍ من ذلك هَدْىٌ ولا صَوْمٌ ولا صَدَقَةٌ. مُتَّفَقٌ عليه (23). ولكن عليه دَمٌ لِلْقِرَانِ؛ لأنَّه صَارَ قَارِنًا، وتَرَفَّهَ بِسُقُوطِ أحَدِ السَّفَرَيْنِ. وقَوْلُ عُرْوَةَ: لم يَكُنْ فى ذلك هَدْىٌ. يَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ لم يَكُنْ فيه هَدْىٌ لِلْمُتْعَةِ، إذ قد ثَبَتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عن نِسائِه بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ (24). الخامس، أن لا يكونَ من حَاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ. ولا خِلافَ بين أهْلِ العِلْمِ، فى أنَّ دَمَ المُتْعَةِ لا يَجِبُ على حاضِرِ (25) المَسْجدِ الحَرامِ، إذ قد نَصَّ اللهُ تعالى فى كِتَابِه بِقَوْلِه سُبْحَانَه:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} . ولأنَّ حَاضِرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ مِيقَاتُه
(23) تقدم تخريجه فى صفحة 242.
(24)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى هدى البقرة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 406. وابن ماجه، فى: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة؟ من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه 2/ 1047.
(25)
فى أ، ب، م:"حاضرى".