الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذي اعتكف فيه، الموضع الَّذي خصَّه بالاعتكاف من المسجد وأعدَّه له، كيف ولفظه يشعر بذلك، وهو قولها: اعتكف فيه، بصيغة الماضي، والحديث الآخر: فضربَ أزواجُه الأخبيةَ، وهذا ظاهر فيما قلناه، وهو قول مالك.
وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد: أنَّه يدخل فيه قبل غروب الشَّمس، إذا أراد اعتكاف شهر أو عشر، وتأولوا الحديث على ما ذكرناه، والله أعلم.
ومنها: استحباب الاعتكاف في كل رمضان لمن قدر عليه، بقولها: كان يعتكف في كل رمضان.
ومنها: استحباب الانفراد عن النَّاس والأهل وغيرهم في الاعتكاف، إلا فيما لا بدَّ منه من اجتماع على صلاة، أو ضرورة، والله أعلم.
* * *
الحديث الثَّاني
عَنْ عَائشِةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ، وهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي المَسْجِدِ، وَهِيَ في الحُجْرَةِ يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ (1).
وفي رواية: وكانَ لا يدخلُ البيتَ إلا لحاجةِ الإنسانِ (2).
وفي رواية: أنَّ عائشةَ رضي الله عنها قالت: إنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ البَيْتَ لِلْحاجَةِ، وَالمريضُ فيهِ، فلا أسألُ عنه إلَّا وأنَا مارّةٌ (3).
الترجيل: تسريح الشعر، وحاجةُ الإنسان هنا: البولُ والغائطُ.
وفي الحديث أحكام:
منها: أنَّ خروج رأس المعتكف من المسجد لا يبطل اعتكافه.
(1) رواه البخاري (1941)، كتاب: الاعتكاف، باب: المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل.
(2)
رواه البخاري (1925)، كتاب: الاعتكاف، باب: لا يدخل البيت إلا لحاجة، ومسلم (297)، كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحافٍ واحد.
(3)
رواه مسلم (297)، (1/ 244)، كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحافٍ واحد.
ومنها: أنَّه لو حلف شخص لا يدخل بيتًا، فأدخل رأسه فيه، وسائرُ بدنه خارج، لم يحنث، وكذلك الحلف على الخروج منه؛ فإنه موازن الدخول، وحكم بعض البدن في ذلك حكم الرَّأس.
ومنها: جواز ترجيل المعتكف رأسَه، وفي معناه حلقُ شعره، وتقليمُ أظفاره، وتنظيفُ بدنه من الشَّعث.
ومنها: طهارة الحائض.
ومنها: منع الحائض من المسجد.
ومنها: جواز ملامسة الحائض للمعتكف وغيره.
ومنها: أنَّ الخروج من المعتكف للحاجة الضرورية التي لا يمكن فعلها في المسجد جائز، وهذا الحديث بعمومه يدل على ذلك، وأنَّه ممنوع من الخروج لغير الحاجةِ الضَّرورية؛ حيث إنَّ الضَّرورة دعت إليه، والمسجد مانع منه.
وكلُّ ما ذكره الفقهاء من الجواز في ذلك، واختلفوا فيه، فهذا الحديث يدلُّ على عدم الخروج له كما ذكرنا.
ولا بدَّ أنَّ يضم إلى الحاجة المجوزة للخروج قيام الدَّاعي الشرعي في بعضه.
وهذا كلُّه إنَّما يقول به على سبيل الاستحباب وتأكُّده؛ إذ الاعتكاف سنَّة مؤكدة، ومعلوم أنَّ من دخل في تطوّع، لا يلزمه إتمامه؛ إلا إذا التزمه بالنذر، إلا أنَّ يقول قائل بأن دخل في الاعتكاف استحبابًا بما يلزمه إتمامه؛ كمذهب مالك، وأبي حنيفة في منع الخروج من صلاة التَّطوُّع وصيامه، فيتقيد الخروج لغير الحاجة للتحريم لا الكراهة.
وقد ذكروا في عيادة المريض، وصلاة الجنازة وشبههما، المنعَ، إلَّا إذا خرج للضرورة، فسأل عن المريض من غير لبث وتعريج، فإنَّه يجوز، كما فعلته عائشة رضي الله عنها، وفي فعلها إشعار بالمنع من العيادة على غير الوجه الَّذي ذكرناه، والله أعلم.
ومنها: استقرار المرأة في بيت الزوج، وإن لم يكن له حاجة في الدُّخول