الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: أن من لبد رأسه لم يكفِه إلا الحلقُ يوم النحر.
ومنها: أن من ساق الهدي لم يحل حتى يحلق يوم النحر.
ومنها: أن القارن لا يتحلل بالطواف والسعي، بل لا بد في تحلله من الوقوف بعرفات، والرمي والحلق والطواف، كما في الحاج المفرد.
ومنها: أن سوق الهدي سنة مؤكدة، وكذا تقليده، والله أعلم.
* * *
الحديث الرابع
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ: أُنْزلَتْ آيةُ المُتْعَةِ فِي كتَابِ اللهِ تعالى، فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يَنْهَ عنها حتى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ برأيهِ مَا شَاءَ. قال البخاري: يقال: إنه عمر (1).
ولمسلمٍ: نَزلَتْ آيهُ المُتْعَةِ، يَعْني: مُتْعَةَ الحَجِّ، وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُم لَمْ تَنْزِلْ آيةٌ تَنْسَخَ اَيةَ مُنْعَةِ الحَجِّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ (2):
ولهما: بمعناهُ.
أما عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: فهو وأبوه صحابيان، وتقدم ذكره أول باب: التيمم.
ومن مناقب عمران رضي الله عنه: أن الملائكة كانت تسلم عليه؛ لبواسير كانت به، فكان يصبر على ألمها، ثم اكتوى، فانقطع سلامهم عليه، ثم ترك الكي، فعاد سلامهم عليه (3)، ثم إن عمران رضي الله عنه لم يخبر بذلك الأمر إلا في مرضه الذي توفي فيه، وأمر بكتمان التحدث به إلا بعد موته؛ خوفَ التعرض للفتنة في الحياة، بخلاف ما بعد الموت.
(1) رواه البخاري (4246)، كتاب: التفسير، باب:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196].
(2)
رواه مسلم (1226)، (2/ 900)، كتاب: الحج، باب: في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام.
(3)
رواه مسلم (1226)، (2/ 899)، كتاب: الحج، باب: في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام.
أما المراد بآية المتعة؛ فقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]. والمتعة التي نهى عنها، ليست متعة النساء، ولا متعة فسخ الحج إلى العمرة؛ لأن شيئًا منهما لم ينزل القرآن بجوازه، بل هي متعة الحج، وهي الإحرام بالمتعة في أشهر الحج، ثم الحج من عامه، وهو نهي تنزيه بيانًا للأولى والأفضل، وحذرًا من فعله بترك إفراد الحج والتتابع عليه طلبًا للتخفيف على أنفسهم.
وفي هذا الحديث دليل على جواز العمرة في أشهر الحج، ثم الحج.
وفيه إشارة إلى جواز نَسْخِ القرآن بالسُّنَّة؛ إذ لو لم تكن كذلك، لما كان لقوله:"ولم ينه عنها" فائدة؛ حيث إن النهي يقتضي رفع الحكم الثابت بالقرآن، فلو لم يكن الرفع ممكنًا، لَمَا احتاج إلى قوله:"ولم ينه عنها"؛ إذ لا طريق لرفعه إلا جواز نسخه، وورود السنة بالنهي.
وقد يوجد من ذلك أن الإجماع لا ينسخ؛ إذ لو نسخ، لقال: ولم يتفق على المنع منها؛ لأن الاتفاق يكون سببًا لرفع الحكم، وكان يحتاج إلى نفيه، كما نفى نزول القرآن بالنسخ وورود السنَّة بالنفي.
[و] فيه دليل: على وجوب بيان اللفظ المشترك بإضافته إلى المعنى المقصود منه.
وفيه دليل على جواز نسخ القرآن بالقرآن.
* * *