الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
عَنْ جَابرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَاِئمٌ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ (1).
أما جابر هذا، فهو ابن سَمُرَةَ، كذا هو مبين في "صحيح مسلم".
قال ابن حِبان: ولأبيه سمرةَ صحبةٌ، واختلف في اسم جده، فقيل: جُنادة بن جُندب، وقيل: عمرو بن جُندب، وهو سُوائي من بني سُواءة حليف بني زهرة.
كنية جابر هذا: أبو عبد الله، وقيل: أبو خالد، وأمه خلدة بنت أبي وقاص أخت سعد بن أبي وقاص أحد العشرة، سكن الكوفة، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مئة حديث وستة وأربعون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد مسلم بثلاثة وعشرين، روى عنه جماعة من التابعين وغيرهم، مات سنة ست وستين أيامَ المختار.
وقال أبو حاتم بن حبان: توفي بالكوفة سنة أربع وسبعين في ولاية بشر ابن مروان على العراق، وصلى عليه عمرو بن حُريث، وحديثه عند أهل الكوفة، هذا آخر كلامه، وروى له أصحاب السنن والمساند (2).
(1) رواه البخاري (886)، كتاب: الجمعة، باب: القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة، ومسلم (862)، كتاب: الجمعة، باب: ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة. قلت: وهذا ليس لفظ البخاري ولا مسلم، فأما لفظ البخاري، فهو:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين يقعد بينهما".
وأما لفظ مسلم، فهو:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(2/ 406): "وغفل صاحب "العمدة" -أي: الحافظ عبد الغني- فعزا هذا اللفظ للصحيحين".
وقد رواه النسائي (1416)، كتاب: الجمعة، باب: الفصل بين الخطبتين بالجلوس، وابن خزيمة في "صحيحه"(1446)، وغيرهما، باللفظ الذي ساقه الإمام عبد الغني المقدسي رحمه الله.
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/ 24)، و"التاريخ الكبير" للبخاري =
أما الخطبة -بضم الخاء-، فهي الكلام المؤلف المتضمن وعظًا وإبلاغًا، خطَب يخطُب -بضم الخاء- خِطابًا بكسر الخاء (1).
وفي هذا الحديث دليل على ثلاث مسائل في الخطبة:
الأولى: اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة، وهو مذهب الشافعي والأكثرين، قال القاضي عياض: وإليه ذهب عامة العلماء، وقال الحسن البصري، وأهل الظاهر، وابن الماجشون عن مالك: إنها تصح بلا خطبة، وفي دليل اشتراطهما نظر؛ من حيث إنهم استدلوا عليه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لهما مع قوله صلى الله عليه وسلم:"صلُّوا كما رأيتموني أُصلي"(2)، وذلك يتوقف على أن تكون إقامة الخطبتين داخلًا تحت كيفية الصلاة، وإذا لم يكن كذلك، لم يبق الاستدلال عليه إلا بمجرد الفعل.
الثانية: اشتراط القيام فيهما، ولا يصح من القاعد، قال ابن عبد البر: إجماع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائمًا لمن أطاقه.
وقال أبو حنيفة: يصح قاعدًا، والقيام ليس بواجب.
وقال مالك: وهو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة.
والذي ذهب إليه الشافعي والأكثرون اشتراطه، وفي دليله من النظر ما ذكرنا في المسألة الأولى.
الثالثة: اشتراط الجلوس بينهما، وأنه فرض من فروضها، قال الطحاوي: لم يقل هذا غير الشافعي (3)، وقال مالك، وأبو حنيفة، والجمهور: الجلوس بين
= (2/ 205)، و "الثقات" لابن حبان (3/ 52)، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 493)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (1/ 224)، و"تاريخ بغداد" للخطيب (1/ 186)، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر (11/ 199)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (1/ 488)، و "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 149)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (1/ 431)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (2/ 35).
(1)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/ 45)، و"لسان العرب" لابن منظور (1/ 360)، (مادة: خطب).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 150).