الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليست واجبة باتفاق الفقهاء؛ لأن الأمر باتخاذها للندب، إذ لا يلزم من عدمها بطلان الصلاة وليست شرطاً في الصلاة، ولعدم التزام السلف اتخاذها، ولو كان واجباً لالتزموه، ولأن الإثم على المار أمام المصلي، ولو كانت واجبة لأثم المصلي، ولأن «النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه شيء» رواه البخاري.
3 -
و
حكمتها:
منع المرور أمام المصلي بين يديه، مما يقطع خشوعه، وتمكين المصلي من حصر تفكيره في الصلاة، وعدم استرساله في النظر إلى الأشياء، وكف بصره عما وراء سترته لئلا يفوت خشوعه.
4 -
آراء الفقهاء في السترة:
للفقهاء رأيان في اتخاذها مطلقاً أو في حالة خشية مرور أحد: فقال المالكية والحنفية (1): السترة في الفرض أو النفل مندوبة للإمام والمنفرد إن خشيا مرور أحد بين يديهما في محل سجودهما فقط، وأما المأموم فسترة الإمام سترة له؛ لأنه عليه السلام صلى ببطحاء مكة إلى عَنَزة (2)، ولم يكن للقوم سترة (3). ولا بأس بترك السترة إذا أمن المصلي المرور، ولم يواجه الطريق. فالمستحب لمن صلى بالصحراء أن ينصب بين يديه عوداً أو يضع شيئاً، ويعتبر الغرز دون الإلقاء والخط؛ لأن المقصود وهو الحيلولة بينه وبين المار لا يحصل به.
(1) فتح القدير:288/ 1 ومابعدها، الدر المختار:610/ 1، البدائع:317/ 1، الشرح الصغير:334/ 1، القوانين الفقهية: ص56 هذا وقد ذكر الدردير أن المعتمد استحباب السترة. وذكر غيره أن المشهور السنية عند المالكية (الشرح الكبير:244/ 1).
(2)
العنزة: أطول من العصا، وأقصر من الرُّمح.
(3)
أخرجه البخاري ومسلم عن أبي جحيفة عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء، وبين يديه عنزة، والمرأة والحمار يمرون من ورائها» (نصب الراية:84/ 1).
وقال الشافعية والحنابلة (1): يستحب للمصلي أن يصلي إلى سترة، سواء أكان في مسجد أم بيت، فيصلي إلى حائط أو سارية (عمود)، أم في فضاء، فيصلي إلى شيء شاخص بين يديه كعصا مغروزة أو حربة، أو عرض البعير أو رحله عند الحنابلة، فإن لم يجد خطَّ خطاً قبالته، أو بسط مصلَّى كسجادة كما ذكر الشافعية.
ودليلهم حديث أبي جحيفة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ركزت له العَنَزة، فتقدم وصلى الظهر ركعتين، يمر بين يديه الحمار والكلب، لا يمنع» (2) وحديث طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مُؤَخَّرة الرحل، فليصل، ولا يبال من مر وراء ذلك» (3).
وسترة الإمام سترة لمن خلفه بالاتفاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى سترة، ولم يأمر أصحابه بنصب سترة أخرى، كما ذكر في رأي المالكية والحنفية.
وفي حديث عن ابن عباس قال: «أقبلت راكباً على حمار أتان، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض أهل الصف، فنزلت، فأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر علي أحد» (4).
وذكر الحنابلة: أنه لا بأس أن يصلي بمكة إلى غير سترة، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكر أحمد ـ «أنه صلى ثَمَّ، ليس بينه وبين الطواف سترة» أي كأن مكة مخصوصة.
(1) مغني المحتاج:200/ 1، المغني:237/ 1 - 244، شرح الحضرمية: ص56 ومابعدها.
(2)
متفق عليه.
(3)
أخرجه مسلم.
(4)
متفق عليه.