الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصح إمامته بالقوم، وأن يعتقد العالم الركن ركناً والسنة سنة، وغير العالم ألا يعتقد الفرض سنة.
وقال
الحنابلة
(1):
يشترط للجمعة أن يتقدمها خطبتان، للأدلة السابقة، وهما بدل ركعتين لما تقدم عن عمر وعائشة، ولا يقال: إنهما بدل ركعتين من الظهر؛ لأن الجمعة ليست بدلاً عن الظهر، بل الظهر بدل عنها إذا فاتت.
ويشترط لصحة كل من الخطبتين ما يأتي: حمد الله بلفظ: الحمد لله، فلا يجزئ غيره، لحديث أبي هريرة مرفوعاً:«كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم» (2) أي أقطع، وعن ابن مسعود قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشهد قال: الحمد لله» (3).
والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة؛ لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى، افتقرت إلى ذكر رسوله، كالأذان. ولا يجب السلام عليه مع الصلاة عليهصلّى الله عليه وسلم.
وقراءة آية كاملة لقول جابر: «كان صلى الله عليه وسلم يقرأ آيات، ويذكِّر الناس» (4)، ولأن الخطبتين أقيمتا مقام ركعتين، والخطبة فرض، فوجبت فيها القراءة كالصلاة، ولا تتعين آية، وإنما يقرأ ما شاء، ولو قرأ:{ثم نظر} [المدثر:21/ 74]، و {مدهامتان} [الرحمن:64/ 55] لم يكف.
(1) المغني: 302/ 2 - 310، كشاف القناع: 34/ 2 - 37، 40.
(2)
رواه أبو داود، ورواه جماعة مرسلاً.
(3)
رواه أبو داود.
(4)
رواه مسلم.
والوصية بتقوى الله تعالى؛ لأنه المقصود، ولا يتعين لفظها، وأقلها: اتقوا الله، وأطيعوا الله ونحوه، وهذه الشروط أو الأركان الأربعة متفقة مع الشافعية. وإن أراد الخطيب الدعاء لإنسان دعا، فالدعاء للمسلمين والمسلمات سنة، ولا بأس بالدعاء لمعين حتى السلطان والدعاء له مستحب في الجملة؛ لأن سلطان المسلمين إذا صلح كان فيه صلاح لهم، وكان أبو موسى يدعو لعمر وأبي بكر، كما قدمنا.
ولو اقتصر على (اطيعوا الله، واجتنبوا معاصيه) فالأظهر لا يكفي، والتسبيح والتهليل لا يسمى خطبة ولا بد من اسم الخطبة عرفاً. وتبطل الخطبة بكلام محرم في أثنائها ولو يسيراً، كما يبطل الأذان من باب أولى.
ويشترط في الخطبة اثنا عشر شرطاً هي ما يأتي: الشروط السابقة، والقيام لمن قدر، فإن قعد لعجز عن القيام أو لعذر من مرض، فلا بأس، كما تصح الصلاة من القاعد العاجز عن القيام، والراجح أن القيام سنة لا واجب.
والموالاة بين الخطبتين وبين أجزائها، وبين الصلاة، فلا يصح الفصل الطويل بين ما ذكر، فإن فصل بكلام طويل أو سكوت طويل نحوه، استؤنفت الخطبة.
والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة. وإن احتاج إلى الطهارة تطهر وبنى على خطبته ما لم يطل الفصل.
وتشترط النية، لحديث «إنما الأعمال بالنيات» فلو خطب بغير النية، لم يعتد بها عندهم وعند الحنفية، ولم يشترط المالكية النية، كما لم يشترطها الشافعية، وإنما اشترطوا عدم الصارف، فلو حمد الله للعطاس لم يكف للخطبة.
ورفع الصوت بحيث يسمع العدد المعتبر وهو أربعون، إن لم يعرض مانع من السماع، كنوم أوغفلة أو صمم بعضهم، فإن لم يسمعوا الخطبة لخفض صوت
الخطيب أوبُعده عنهم، لم تصح الخطبة لعدم حصول المقصود بها. فإن كان عدم السماع لنوم أو غفلة أو مطر ونحوه كصمم وطرش أو كان أعاجم والخطيب سميع عربي، صحت الخطبة والصلاة.
وأن تكون بالعربية، فلا تصح الخطبة بغير العربية مع القدرة عليها، كقراءة القرآن، فإنها لا تجزئ بغير العربية، وتصح الخطبة لا القراءة بغير العربية مع العجز عنها.
وإسماع العدد المعتبر للجمعة: وهو أربعون فأكثر، لسماع القدر الواجب؛ لأنه ذكْر اشترط للصلاة، فاشترط له العدد كتكبيرة الإحرام.
وأن تكون الخطبة في الوقت، وأن يكون الخطيب ممن تجب عليه الجمعة، فلا تجزئ خطبة عبد أو مسافر.
ولا تشترط للخطبتين الطهارة عن الحدثين: الأصغر والأكبر، ولا ستر العورة وإزالة النجاسة، وإنما السنة أن يخطب متطهراً مزيلاً النجاسة ساتر العورة، وقال ابن قدامة: والأشبه بأصول المذهب اشتراط الطهارة من الجنابة.
ولا يشترط أن يتولى الخطبتين من يتولى الصلاة؛ لأن الخطبة منفصلة عن الصلاة، وإنما السنة أن يتولى الصلاة من يتولى الخطبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولاهما بنفسه، وكذلك خلفاؤه من بعده. وإن خطب رجل، وصلى آخر لعذر، جاز.
كما لا يشترط أن يتولى الخطبتين رجل واحد، لأن كلاً منهما منفصلة عن الأخرى، بل يستحب ذلك، خروجاً من الخلاف في كل ما ذكر.
ويستحب أن يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل