الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احترام القبور:
أما احترام القبور فهو أمر مقرر في السنة ولدى جميع الفقهاء (1)، ومظاهر الاحترام ما يأتي:
1 - يكره الجلوس على القبر، والمشي عليه، والنوم وقضاء الحاجة من بول أوغائط
، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» (2)، وقوله:«لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر» (3)، والكراهة عند الحنفية تحريمية إذا كان الجلوس لقضاء الحاجة، تنزيهية لغير ذلك، إلا أنهم قالوا على المختار: لا يكره الجلوس على القبر للقراءة، لتأدية القراءة بالسكينة والتدبر والاتعاظ، ولم يجز الشافعية والحنابلة الجلوس إلا لضرورة، وجعلوا الاتكاء أو الاستناد إلى القبر مكروهاً كالجلوس.
وأما المالكية فقالوا: يكره المشي على القبر بشرطين: إن كان مسنماً أو مسطباً، والحال أن الطريق بجانبه، فإن زال تسنيمه أو لم تكن هناك طريق، جاز المشي عليه. أما الجلوس على القبر لغير بول أو غائط فيجوز، وحملوا حديث النهي عن الجلوس على المقابر على التخلي (قضاء الحاجة). وعن علي كرم الله وجهه أنه كان يجلس على المقابر ويتوسدها.
2 - يحرم نبش القبر
ما دام يظن فيه شيء من عظام الميت فيه: فلا تنبش عظام الموتى عند حفر القبور، ولا تزال عن موضعها، ويتقى كسر عظامها، لقوله صلى الله عليه وسلم:«كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم» أو «كسر عظم الميت ككسره
(1) مراقي الفلاح: ص103، رد المحتار:846/ 1، الشرح الصغير:559/ 1،573، الشرح الكبير:428/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص97، المجموع:264/ 5، مغني المحتاج:354/ 1، المهذب:139/ 1،كشاف القناع:162/ 2،164،165،166، المغني:507/ 3،551،565.
(2)
رواه مسلم عن أبي مرثد الغنوي.
(3)
رواه الجماعة، وفسر فيه الجلوس بالحدث، وهو حرام بالإجماع.
حياً» (1) ويستثنى من ذلك حالات تقتضيها الضرورة أو الحاجة والغرض الصحيح وأهمها ما يأتي (2):
أـ إذا دفن من غير كفن أو غير غسل أو إلى غير القبلة، ولم يتغير حاله أو لم يخش عليه الفساد في نبش وكفن وغسل ووجه إلى القبلة؛ لأنه واجب مقدور على فعله، فوجب عليه، وروى سعيد في سننه أن رجالاً قبروا صاحباً لهم، لم يغسلوه ولم يجدوا له كفناً، ثم لقوا معاذ بن جبل، فأمرهم أن يخرجوه فأخرجوه من قبره، ثم غسِّل وكفِّن، وحُنِّط، ثم صلي عليه (3).
ولم يجز الشافعية في الأصح نبش القبر لتكفين الميت؛ لأن المقصود حصل وهو ستره بالتراب.
فإن خشي عليه الفساد أو التغير، لم ينبش؛ لأنه تعذر فعله، فسقط كما يسقط وضوء الحي واستقبال القبلة في الصلاة إذا تعذر.
أما الصلاة على الميت إذا دفن قبلها، فتصلى على القبر؛ لأنها تصل إليه في القبر. وينبش عند المالكية، وعند الحنابلة، ويصلى عليه في رواية عن أحمد، ولاينبش عند الحنفية لوضعه لغير القبلة أوعلى يساره، وينبش لغير ذلك مما سيأتي.
(1) الأول رواه ابن ماجه عن أم سلمة، وهو حديث حسن، والثاني رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة، وهو حسن أيضاً.
(2)
الدر المختار:839/ 1،840، مراقي الفلاح: ص102، الشرح الصغير:577/ 1، القوانين الفقهية: ص93،97، المهذب:138/ 1، المجموع:266/ 5 - 268، المغني:511/ 2،551 - 554، كشاف القناع:97/ 2،98.
(3)
نيل الأوطار: 4/ 211 ومابعدها، وفيه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج عبد الله بن أُبي من قبره فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه، رواه البخاري.
ب ـ إذا كان الكفن مغصوباً وأبى صاحبه أن يأخذ القيمة، أو كانت الأرض مغصوبة، ولم يرض مالكها ببقائه.
جـ ـ لضيق المسجد الجامع، أو دفن معه آخر عند الضيق. وإذا نبش للدفن أو اتخاذ مسجد محل القبر جاز، ولا يجوز عند المالكية للزرع والبناء، وأجاز الحنفية الزرع والبناء في محل قبر إذا بلي وصار تراباً.
د ـ إذا دفن معه مال من حلي أوغيره، أو وقع في القبر مال لآدمي قليل أو كثير، وطالب به صاحبه، لما روي أن المغيرة بن شعبة طرح خاتمه في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خاتمي، ففتح موضعاً فيه، فأخذه (1).
ولم يجز المالكية نبش القبر لمال قليل للميت، أو إذا تغير الميت، ويعطى صاحبه مثله أو قيمته من التركة (المثل في المثلي، والقيمة في القيمي).
هـ ـ إذا بلع الشخص جوهرة لغيره، ومات وطالب صاحبها، شق جوفه، وردت الجوهرة. فإن كانت الجوهرة للميت شق أيضاً عند الحنفية وسحنون المالكي وفي الأصح عند الشافعية، ولم يشق عند أحمد وابن حبيب المالكي وفي وجه آخر عند الشافعية.
شق بطن الحامل:
وـ إذا ماتت الحبلى، وفي بطنها جنين حي يضطرب، شق جوفها عند أكثر الفقهاء؛ لأنه استبقاء حي، بإتلاف جزء من الميت، فأشبه إذا اضطر إلى أكل الميت.
(1) حديث المغيرة ضعيف غريب، قال الحاكم أبو أحمد شيخ الحاكم أبي عبد الله: لا يصح هذا الحديث (المجموع:266/ 5).