الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي عن ابن عباس أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني» (1).
وفي رواية لمسلم: «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يارسول الله كيف أقول حين أسأل ربي، قال: قل: اللهم اغفر لي وارحمني، وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك» أي لأن الغفر الستر، والعافية: اندفاع البلاء عن الإنسان، والأرزاق نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات، وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم.
جلسة الاستراحة:
المشهور عند الشافعية (2): سنُّ جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية تسمى جلسة الاستراحة، في كل ركعة يقوم عنها فلا تسن عقب سجدة التلاوة، اتباعاً لما ثبت في السنة عند البخاري. وروى الجماعة إلا مسلماً وابن ماجه عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته، لم ينهض حتى يستوي قاعداً» (3).
ولا تستحب جلسة الاستراحة عند الجمهور، إذ لم تذكر في حديث أبي حميد الساعدي في بيان صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
17ً -
التشهد الأول، والافتراش له
كالجلوس بين السجدتين، والتورك في التشهد الأخير:
(1) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، إلا أنه قال:«في صلاة الليل» ، وقال أبو داود فيه (وعافني) مكان (واجبرني) (نيل الأوطار: 263/ 2، سبل السلام:184/ 1).
(2)
مغني المحتاج:171/ 1 ومابعدها.
(3)
رواه الجماعة إلا مسلماً وابن ماجه (نيل الأوطار:269/ 2).
(4)
نيل الأوطار:184/ 2.
وصيغة التشهد عند الشافعية كما تقدم: (التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله).
وقد اتفق الفقهاء على مشروعية التشهد الأول والجلوس له، على أنهما سنتان عند الجمهور، وواجبان عند الحنفية، بدليل الأمر به وسقوطه بالسهو، قال ابن مسعود:«إن محمداً صلى الله عليه وسلم قال: إذا قعدتم في كل ركعتين، فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبَه إليه، فليدع ربه عز وجل» (1).
واستدل الحنابلة على وجوبه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ومداومته على فعله، وأمره به في حديث ابن عباس، فقال:«قولوا: التحيات لله» وسجد للسهو حين نسيه، وقد قال:«صلوا كما رأيتموني أصلي» ، ولاتستحب عند الجمهور الزيادة على هذا التشهد ولا تطويله، وقال الحنابلة أيضاً: إذا أدرك المسبوق بعض الصلاة مع الإمام، لم يزد المأموم على التشهد الأول، بل يكرره حتى يسلم الإمام.
ويسن أن يضم إليه عند الشافعية: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخره، فيقول:(اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي).
ويلاحظ أن كلاً من التشهد الأول والأخير سنة عند المالكية، والتشهدان واجبان عند الحنفية، وكذا القعود الأول ولو في نفل في الأصح، والأول سنة أو
(1) رواه أحمد والنسائي (نيل الأوطار:271/ 2) وهذه هي الصيغة المفضلة عند الحنفية والحنابلة، وقد عرفنا الصيغة المختارة عند الشافعية، وعند المالكية، وعبارة: ثم ليتخير: فيها الإذن بكل دعاء أراد المصلي أن يدعو به من أمور الدنيا والآخرة ما لم يكن إثماً. وهو رأي الجمهور، وقال أبو حنيفة: لايجوز إلا بالدعوات المأثورة في القرآن والسنة.
بعض، والأخير فرض عند الشافعية، والأول واجب والأخير فرض عند الحنابلة. ويسن باتفاق الفقهاء الإسرار بقراءة التشهد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر به، قال ابن مسعود:«من السنة إخفاء التشهد» (1) ولأنه ذكر غير القراءة كالتسبيح، فاستحب إخفاؤه.
وأما صفة الجلوس للتشهد الأول: فهي الافتراش عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وهو أن يجلس على كعب يسراه بعد أن يضجعها، وينصب يمناه. وتتورك المرأة عند الحنفية؛ لأنه أستر لها، ودليل الافتراش حديث عائشة:«وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى» (2)
وحديث وائل بن حجر: «أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فسجد، ثم قعد فافترش رجله اليسرى» (3) وحديث أبي حميد «أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ـ للتشهد ـ فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته» (4) وحديث رفاعة بن رافع «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: إذا سجدت، فمكِّن لسجودك، فإذا جلست فاجلس على رجلك اليسرى» (5).
وقال المالكية: يجلس متوركاً في التشهد الأول والأخير، لما بينا، ولما روى ابن مسعود:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس في وسط الصلاة وآخرها متوركاً» (6).
(1) رواه أبو داود.
(2)
رواه مسلم وأحمد وأبو داود (المصدر السابق:275/ 2).
(3)
رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وفي لفظ لسعيد بن منصور قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قعد، وتشَهَّد، فرش قدمه اليسرى على الأرض وجلس عليها (نيل الأوطار:273/ 2).
(4)
رواه البخاري (نيل الأوطار:275/ 2).
(5)
رواه أحمد (المرجع السابق).
(6)
المغني:533/ 1