الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس ـ
الاستخلاف
في الصلاة:
الاستخلاف: إنابة الإمام غيره من المقتدين إذا كان صالحاً للإمامة، لإتمام الصلاة بدل الإمام لعذر قام به. فيصير الثاني إماماً، ويخرج الأول عن الإمامة، ويصبح في حكم المقتدي بالثاني.
و
طريقته:
أن يأخذ الإمام بثوب المقتدي ولو مسبوقاً، ويجره إلى المحراب، لكن استخلاف المدرك أولى. ويتأخر الإمام محدود باً واضعاً يده على أنفه، موهماً أنه قد رعف قهراً. ويتم الاستخلاف بالإشارة لا بالكلام، ويشير بأصبعه لعدد الركعات الباقية. ويضع يده على ركبته لترك ركوع، وعلى جبهته لترك سجود، وعلى فمه لقراءة.
و
سببه:
طروء عذر للإمام من حدث أو مرض شديد أو عجز عن القراءة الواجبة كالفاتحة ونحو ذلك.
وفي
أحكامه وأسبابه وشروطه
تفصيل بين المذاهب:
ف
قال الحنفية
(1):
الاستخلاف جائز، بدليل حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أصابه قيء أو رعاف، أو قَلَس (2)، أو مذي، فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم» (3) وذكره الكاساني في البدائع عن أبي هريرة بلفظ لم أجده: «إذا صلى أحدكم، فقاء أو رعف في صلاته، فليضع يده على فمه، وليقدم
(1) البدائع:220/ 1 - 233، الدر المختار:560/ 1 - 574، فتح القدير:267/ 1 - 276، تبيين الحقائق:147/ 1 ومابعدها، الكتاب مع اللباب:86/ 1.
(2)
القلس: ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه، وليس بقيء، فإن عاد فهو القيء.
(3)
أخرجه ابن ماجه والدارقطني، والصحيح أنه مرسل، وفيه ضعيف (نصب الراية:61/ 2، نيل الأوطار:187/ 1) وروي في معناه عن ابن عباس عند الدارقطني وغيره وفيه متروك، وعن أبي سعيد عند الدارقطني وفيه متروك أيضاً (نيل الأوطار:188/ 1).
من لم يسبق بشيء من صلاته، ولينصرف وليتوضأ، وليبن على صلاته، ما لم يتكلم».
والأصح من ذلك: حديث عائشة في استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ، ثم تأخر أبي بكر، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، وافتتاحه القراءة من الموضع الذي انتهى إليه أبو بكر (1).
وعن عمر رضي الله عنه أنه سبقه الحدث فتأخروقدم رجلاً. وعن عثمان رضي الله عنه مثله، ولأن بالناس حاجة إلى إتمام صلاتهم بالإمام، وقد التزم الإمام بذلك، فإذا عجز عن الوفاء بما التزم بنفسه، استعان بمن يقدر عليه، رعاية لمصلحة المأمومين، كيلا تبطل صلاتهم بالمنازعة.
وبناء عليه: إن سبق الإمام الحدث، انصرف، فإن كان إماماً استخلف وتوضأ وبنى على صلاته، واستئناف الصلاة في حق جميع المصلين أفضل، خروجاً من الخلاف لمن منعه. ويتعين الاستئناف إن لم يكن قعد قدر التشهد الأخير بسبب الجنون أو الحدث عمداً أو الاحتلام بنوم أو تفكير أو نظر أو مس بشهوة، أو إغماء أو قهقهة، لأنه يندر وجود هذه العوارض، فلم يكن في معنى ما ورد به النص، ويستأنف الوضوء والصلاة.
وسبب الاستخلاف: إما سبق حدث اضطراري، لا اختيار للإمام فيه ولا في سببه ومنه الحدث من نحو عطاس، أو عجز عن قراءة قدر المفروض في رأي أبي حنيفة، لحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فإنه لما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم حَصِر عن القراءة، فتأخر، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأتم الصلاة.
(1) رواه البخاري ومسلم.
ولا يستخلف بسبب حصر بول أو غائط، أو بسبب عجز عن الركوع السجود، لأن له أن يتم قاعداً، أو بسبب خوف أو نسيان قراءة أصلاً؛ لأنه صار أمياً، فتفسد صلاة القوم، أو بسبب إصابة نجاسة من غيره كبول كثير من غير سبق حدثه، أو كشف عورته في صلاته بقدر ركن؛ لأن صلاته حينئذ تفسد، ويفسد معها صلاة المأمومين.
ويشترط لصحة الاستخلاف عند الحنفية شروط ثلاثة:
أولها ـ توافر شروط البناء على الصلاة السابقة؛ لأن الاستخلاف في الحقيقة بناء من الخليفة على ما صلاه الإمام، وهي ثلاثة عشر شرطاً:
كون الحدث قهرياً، من بدنه لا من نجاسة غيره، وكونه غير موجب للغسل كإنزال بتفكر، وغير نادر كالإغماء والجنون والقهقهة، وألا يؤدي ركناً مع الحدث، أو يمشي، ولم يفعل منافياً عمداً كأن يحدث باختياره، ولا ما لا حاجة له به كالذهاب لماء بعيد مع وجود القريب، وألا يتراخى قدر ركن بغير عذر كزحمة، وألا يتبين أنه كان محدثاً سابقاً قبل الدخول في الصلاة، وألا يتذكر فائتة إن كان صاحب ترتيب مطلوب منه (بأن خرج وقت الصلاة السادسة بعد الفائتة) لأنه تفسد الصلاة الوقتية التي يصليها بذلك السبب، وألا يُتم المؤتم في غير مكانه، فمن سبقه الحدث إماماً أو مأموماً وجب عليه أن يعود بعد الوضوء ليصلي مع الإمام إذا لم يكن قد فرغ إمامه من صلاته، فلو أتم في مكانه فسدت صلاته، أما المنفرد فله أن يتم في مكانه أوغيره، وألا يستخلف الإمام غير صالح للإمامة كصبي وامرأة وأمي، فإذا استخلف أحدهم فسدت صلاته وصلاة القوم.
ثانيها ـ ألا يخرج الإمام من المسجد أو المصلى العام في الصحراء، أو الدار التي كان يصلي فيها قبل الاستخلاف، لأنه على إمامته ما لم يجاوز هذا الحد، فإن