الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحتجوا بأن مواقيت الصلاة تثبت بالتواتر، فلا يجوز تركها بخبر الواحد.
وقال ابن مسعود فيما يرويه الشيخان: «والذي لا إله غيره، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها، إلا صلاتين، جمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بجَمْع» أي بالمزدلفة.
والحق: جواز الجمع لثبوته بالسنة، والسنة مصدر تشريعي كالقرآن.
ثانياً ـ أسباب الجمع بين الصلاتين وشروطه:
اتفق مجيزو الجمع تقديماً وتأخيراً على جوازه في أحوال ثلاثة: هي السفر، والمطر ونحوه من الثلج والبرد، والجمع بعرفة والمزدلفة، واختلفوا فيما سواها، وفي شروط صحة الجمع.
فقال
المالكية
(1): أسباب الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً ستة: هي السفر، والمطر، والوحل مع الظلمة، والمرض كالإغماء ونحوه، وجمع عرفة، ومزدلفة، وكلها يرخص لها الجمع جوازاً للرجل أو المرأة، إلا جمع عرفة ومزدلفة، فهو سنة.
أما السفر: فيجوز فيه الجمع مطلقاً، سواء أكان طويلاً أم قصيراً في مسافة القصر، إذا كان في البرّ لا في البحر، قصراً للرخصة على موردها، وكان غير عاص بالسفر وغير لاه.
ويشترط لجواز جمع التقديم في السفر شرطان:
1ً - أن تزول عليه الشمس (يدخل الظهر) وهو مسافر في مكان نزوله للاستراحة.
(1) الشرح الصغير: 487/ 1 - 492، الشرح الكبير: 368/ 1 - 372، القوانين الفقهية: ص82، بداية المجتهد: 165، 167.
2ً - أن ينوي الارتحال قبل وقت العصر، والنزول للاستراحة بعد غروب الشمس فإن نوى الاستراحة قبل اصفرار الشمس، صلى الظهر فقط، وأخر العصر وجوباً لوقتها الاختياري، فإن قدمه أجزأته الصلاة.
وإن نوى الاستراحة بعد الاصفرار وقبل الغروب، صلى الظهر في وقته، وخُيِّر في العصر إن شاء قدمها، وإن شاء أخَّرها حتى ينزل للاستراحة.
وإن دخل وقت الظهر (أي بزوال الشمس) وهو سائر: فإن نوى النزول وقت الاصفرار أو قبله، أخر الظهر، وجمعها مع العصر جمع تأخير، وإن نوى النزول بعد الغروب، فيجمع بين الصلاتين جمعاً صورياً، فيصلي الظهر في آخر وقتها الاختياري، والعصر في أول وقتها الاختياري.
والمغرب والعشاء له حكم هذا التفصيل، مع ملاحظة أن غروب الشمس ينزل منزلة الزوال عند الظهر، وطلوع الفجر كالغروب، وابتداء الثلثين الأخيرين من الليل كاصفرار الشمس.
وأما المرض كالمبطون أوغيره فيجيز الجمع الصوري: بأن يصلي الفرض المتقدم في آخر وقته الاختياري، والفرض الثاني في أول وقته الاختياري، وفائدته عدم الكراهة. أما الصحيح فله الجمع الصوري مع الكراهة.
ومن خاف إغماء أو دَوْخة أو حمى عند دخول وقت الصلاة الثانية (العصر أو العشاء) فله تقديم الثانية عند الأولى؛ جوازاً على الراجح.
والخلاصة: إن المريض يجمع إن خاف أن يغيب على عقله أو إن كان الجمع أرفق به، ووقته في وقت الأولى.
وأما المطر أو البرد أو الثلج، أو الطين مع الظلمة الواقع أو المتوقع: فيجيز
جمع التقديم فقط لمن يصلي العشاءين (المغرب والعشاء) بجماعة في المسجد، إذا كان المطر غزيراً يحمل أوساط الناس على تغطية رؤوسهم، والوحل أو الطين كثيراً يمنع أواسط الناس من لبس المداس. ولا يجوز الجمع إلا باجتماع الوحل مع الظلمة، لا بأحدهما فقط.
ولو انقطع المطر بعد الشروع في الجمع، جاز الاستمرار فيه.
والمشهور أن يكون هذا الجمع بأذان وإقامة لكل واحدة من الصلاتين ويكون الأذان الأول للمغرب على المنارة بصوت مرتفع والثاني بصوت منخفض في المسجد، لا على المنارة، ويؤخر البدء بالمغرب ندباً بعد الأذان بقدر ثلاث ركعات، ثم ينصرف الناس إلى منازلهم من غير تنفل في المسجد؛ لأن النفل حينئذ مكروه، فلا نفل بعد الجمع في المسجد، ولا وتر حتى يغيب الشفق.
ولا يتنفل بين الصلاتين، والنفل مكروه لا يمنع صحة الجمع، ولا يجوز هذا الجمع لجار المسجد، ولو كان مريضاً يشق عليه الخروج للمسجد، أو كان امرأة ولا يخشى منها الفتنة.
وكذلك لا يجوز هذا الجمع لمن صلى منفرداً في المسجد إلا أن يكون إماماً راتباً له منزل ينصرف إليه، فإنه يجمع وحده، وينوي الجمع والإمامة؛ لأنه ينزل منزلة الجماعة.
وتجب نية الجمع في الصلاة الأولى كنية الإمامة.
وأما الجمع في الحج فهو سنة اتفاقاً، فيسن للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم بعرفة، سواء أكان من أهلها أم أهل غيرها من أماكن النسك كمنى ومزدلفة، أو من أهل الآفاق، ويقصر من لم يكن من أهل عرفة للسنة، وإن لم تكن المسافة مسافة قصر.