الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن الإمام يتحملها عنه. وكالمسبوق: زحمة أو نسيان أنه في الصلاة، أو بطء حركة، بأن لم يقم من السجود إلا والإمام راكع أو قريب من الركوع، أو شك بعد ركوع إمامه في قراءة الفاتحة فتخلف لها.
و
البسملة عند الشافعية
آية من الفاتحة، لما رواه البخاري في تاريخه أنه صلى الله عليه وسلم عدّ الفاتحة سبع آيات، وعدّ: بسم الله الرحمن الرحيم آية منها. وروى الدارقطني عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها» (1)، ولأن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوها فيما جمعوا من القرآن، فيدل على أنها آية منها.
وإن كان في صلاة جهرية جهر بها، كما يجهر في سائر الفاتحة، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم (2) ولأنها تقرأ على أنها آية من القرآن، بدليل أنها تقرأ بعد التعوذ، فكان سنتها الجهر كسائر الفاتحة.
وتشديدات الفاتحة الأربع عشرة شدة هي منها، ثلاث منها في البسملة، فلو خفف منها تشديدة، بطلت قراءة تلك الكلمة، لتغييره النظم.
و
يشترط في القراءة:
عدم اللحن المخل بالمعنى كضم تاء: أنعمت، أو كسرها ممن يمكنه التعلم، وكقراءة شاذة: وهي غير السبعة إن غيرت المعنى كقراءة {إنما
(1) وهناك أحاديث أخرى في موضوع البسملة، منها ما رواه البخاري ومسلم وابن خزيمة بإسناد صحيح عن أم سلمة. وهذا الحديث رواه الدارقطني وصوب وقفه (سبل السلام:173/ 1)
(2)
رويت أحاديث الجهر بالبسملة إما في البخاري وإما في مسلم وإما فيهما عن ستة من الصحابة: أبي هريرة وأم سلمة وابن عباس وأنس وعلي بن أبي طالب وسمرة بن جندب رضي الله عنهم (المجموع:302/ 3).
يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر:28/ 35] برفع الأول ونصب الثاني، أو زادت ولو حرفاً أو نقصت، فمتى فعل شيئاً من ذلك بطلت قراءته.
وقال المالكية (1): تصح القراءة بالقراءة الشاذة إن وافقت رسم المصحف العثماني، وإن لم تجز القراءة بها. وتصح القراءة بلحن في القراءة ولو بالفاتحة إن لم يتعمد، وأثم الإمام إن وجد غيره ممن يحسن القراءة. وتصح القراءة بغير تمييز بين ضاد وظاء، كما في لغة العرب الذين يقلبون الضاد ظاء. ولا تصح القراءة إن تعمد اللحن أو تبديل الحروف بغيرها، ولا يصح الاقتداء به.
ولو أبدل صاداً بظاء لم تصح في الأصح قراءته لتلك الكلمة، لتغييره النظم واختلاف المعنى.
ويجب ترتيبها (بأن قرأ آياتها على نظمها المعروف) وموالاتها (بأن يصل بعض كلماتها ببعض من غير فصل إلا بقدر التنفس) عملاً بالسنة: «صلوا كما رأيتموني أصلي» فإن تخللها ذكر كالتحميد عند العطاس، قطع الموالاة. أما إن كان الفاصل متعلقاً بالصلاة كالتأمين لقراءة الإمام، وفتحه (2) عليه إذا توقف في القراءة، وسؤال الرحمة، والتعوذ من العذاب، وسجود التلاوة لقراءة إمامه، فلا يقطع الموالاة في الأصح. ويقطع الموالاة السكوت الطويل، لإشعاره بالإعراض مختاراً، وكذا اليسير إن قصد به قطع القراءة في الأصح، عملاً بالنية.
وإن جهل إنسان الفاتحة بكمالها بأن لم يمكنه معرفتها لعدم معلم أو مصحف أو نحو ذلك، أجزأه بدلها بما يعادل حروفها في الأصح، من سبع آيات متوالية أو
(1) الشرح الصغير:437/ 1.
(2)
الفتح على الإمام: هو تلقين الآية عند التوقف فيها، ومحله إذا سكت، فلا يفتح عليه مادام يردد التلاوة.
متفرقة، فإن عجز عنها أتى بسبعة أنواع من ذكر أو دعاء يتعلق بالآخرة لا الدنيا بحيث لا ينقص عن حروفها، لما روى أبو داود وغيره «أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً، فعلمني ما يجزيني عنه، فقال: قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله».
فإن لم يحسن شيئاً قرآناً ولا ذكراً، وقف بقدر الفاتحة.
ويسن عقب الفاتحة بعد سكتة لطيفة: (آمين)(خفيفة الميم بالمد، ويجوز القصر) أي استجب، سواء أكان في صلاة أم لا، ولكن في الصلاة أشد استحباباً، لما روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن وائل بن حُجْر، قال:«صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قال ـ ولا الضالين ـ قال: آمين، ومدّ بها صوته» وروى البخاري عن أبي هريرة: «إذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» .
ويؤمن مع تأمين إمامه، ويجهر به في الأظهر (1)، تبعاً لإمامه للاتباع، رواه ابن حبان وغيره وصححوه، مع خبر:«صلوا كما رأيتموني أصلي» .
وتسن للإمام والمنفرد قراءة سورة بعد الفاتحة، إلا في الركعتين الثالثة والرابعة في الأظهر، اتباعاً للسنة، رواه الشيخان، فإن سُبق بهما المأموم من صلاة نفسه، قرأها فيهما حين تداركهما، على النص؛ لأن مافاته المسبوق مع الإمام بالنسبة إليه هو أول صلاته، وما أدركه معه هوآخر صلاته، لئلا تخلو صلاته من سورتين.
(1) يجهر المأموم خلف الإمام في خمسة مواضع: أربعة مواضع تأمين: يؤمن مع تأمين الإمام، وفي دعائه في قنوت الصبح، وفي قنوت الوتر في النصف الثاني من رمضان، وفي قنوت النازلة في الصلوات الخمس. وإذا فتح على الإمام بآية
ولا يقرأ المأموم سورة في الصلاة الجهرية، إلا إن كان بعيداً لا يسمع الإمام، أو كان به صمم أو سمع صوتاً لا يفهمه. ويقرأ سورة في الصلاة السرية في الأصح، إذ لا معنى لسكوته.
وقال المالكية على المشهور: والحنابلة: يجب قراءة الفاتحة في كل ركعة على الإمام والمنفرد، ولا يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية وإنما يستحب أن يقرأها في السرية؛ لأن الأمر القرآني بالاستماع والإنصات للقرآن خاص بالصلاة الجهرية، بدليل «أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ أحد منكم آنفاً؟ فقال رجل: نعم، يا رسول الله، قال: فإني أقول: ما لي أنازَع القرآن، فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه من الصلوات بالقراءة، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1) وهذا صريح في كراهة القراءة للمؤتم حالة الجهر.
أما دليلهم على استحباب القراءة في حالة السر: فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أسررت بقراءتي فاقرءوا» (2).
وألحق الحنابلة بالصلاة السرية: كل ما لا يجهر فيه من حالات عدم السماع لبعد أو آفة أو سكوت الإمام، أي كما قال الشافعية؛ لأن المأموم في كل تلك الأحوال غير سامع للقراءة، فلا يحصل له مقصود الاستماع.
ويظهر لي أن هذا الرأي هو أولى الآراء، توفيقاً بين دلالة الآية على وجوب الاستماع للقرآن، ودلالة الحديث على القراءة في السر، وعدم وجود مسوغ للإنصات في السرية، لكني لا أطمئن إلى ترك الفاتحة مطلقاً، للحديث المتفق عليه
(1) رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن أبي هريرة، وقال: حديث حسن.
(2)
رواه الدارقطني والترمذي.