الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ما في الصحيحين عن ابن عمر، أنه قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فلم أره يُسبِّح ـ أي يتنفل ـ في السفر، وفي رواية: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكروعمر وعثمان كذلك، فقال النووي: لعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في رحله، ولا يراه ابن عمر، فإن النافلة في البيت أفضل، ولعله تركها في بعض الأوقات تنبيهاً على جواز تركها.
وقال الحنفية (1): ويأتي المسافر بالسنن الرواتب إن كان في حال أمن وقرار أي نازلاً مستقراً، وإلا بأن كان في حال خوف وفرار، أي في السير، لا يأتي بها، وهو المختار.
وحرر ابن تيميمة الموضوع قائلاً: فعل السنن الرواتب في السفر جائز، فمن شاء فعلها، ومن شاء تركها باتفاق الأئمة، والفعل أحياناً أفضل لحاجة الإنسان إليها، والترك أحياناً أفضل إذا اشتغل الإنسان بما هو أفضل منها، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي من الرواتب إلا ركعتي الفجر والوتر. أما الصلاة قبل الظهر وبعدها، وبعد المغرب، فلم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في السفر (2).
المطلب الثاني ـ الجمع بين الصلاتين:
أولاً ـ مشروعية الجمع:
يجوز عند الجمهور غير الحنفية (3) الجمع بين الظهر والعصر تقديماً في وقت الأولى، وتأخيراً في وقت الثانية، والجمعة كالظهر في جمع التقديم، وبين المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً أيضاً في السفر الطويل كما في القصر (89كم).
(1) الدر المختار: 742/ 1.
(2)
فتاوى ابن تيمية 279/ 22 - 280.
(3)
الشرح الكبير:368/ 1، مغني المحتاج:271/ 1 ومابعدها، المهذب: 104/ 1، كشاف القناع: 3/ 2، المغني: 271/ 2.
فالصلوات التي تجمع: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما ويسمى الجمع في وقت الصلاة الأولى: جمع التقديم، والجمع في وقت الصلاة الثانية: جمع التأخير. والأفضل عدم الجمع خروجاً من الخلاف، ولعدم مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، ولو كان أفضل لأدامه كالقصر.
ودليل جمع التأخير: الثابت في الصحيحين عن أنس وابن عمررضي الله عنهما، أما حديث الأول، فقال أنس: كا ن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رحل قبل أن تزيغ ـ تميل ظهراً ـ الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب (1).
وأما حديث ابن عمر فهو: أنه استُغيث على بعض أهله، فجدَّ به السير، فأخر المغرب حتى غاب الشَّفَق، ثم نزل، فجمع بينهما، ثم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك إذا جدَّ به السير (2).
ودليل جمع التقديم: الصحيح من حديث معاذ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب» (3).
وقال الحنفية (4): لا يجوز الجمع إلا في يوم عرفة للمحرم بالحج جمع تقديم بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين؛ لأن العصر يؤدى قبل وقته المعهود، فيفرد بالإقامة إعلاماً للناس. وفي ليلة المزدلفة جمع تأخير بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامة واحدة؛ لأن العشاء في وقتها فلم تحتج للإعلام.
(1) متفق عليه (نيل الأوطار: 212/ 3).
(2)
رواه الترمذي بهذا اللفظ، ومعناه عند الجماعة إلا ابن ماجه. وروي حديث جمع التأخير أيضاً عن معاذ بن جبل وابن عباس رضي الله عنهما (نيل الأوطار: 213/ 3ومابعدها).
(3)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، والدارقطني والحاكم، والبيهقي وابن حبان وصححاه (المصدر السابق).
(4)
اللباب: 185/ 1، 187.