الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - الخطبة قبل الصلاة:
اتفق الفقهاء على أن الخطبة شرط في الجمعة، لا تصح بدونها (1)، لقوله تعالى:{فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة:9/ 62] والذكر: هو الخطبة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة بدون الخطبة (2)، وقد قال:«صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وعن عمر وعائشة رضي الله عنهما أنهما قالا: قصرت الصلاة لأجل الخطبة. والأصح عند
الحنفية:
أن الخطبة ليست قائمة مقام ركعتين، بل كشطرها في الثواب، لما ورد به الأثر من أن الخطبة كشطر الصلاة.
وهي خطبتان قبل الصلاة اتفاقاً، واختلف الفقهاء في
شروط الخطبة
.
فقال الحنفية (3):
يخطب الإمام بعد الزوال قبل الصلاة خطبتين خفيفتين بقدر سورة من طوال المفصل، يفصل بينهما بقَعْدة قدر قراءة ثلاث آيات، ويخفض جهره بالثانية عن الأولى، ويخطب قائماً، مستقبل الناس، على طهارة من الحدثين، وستر عورة، ولو كان الحاضرون صُمَّاً أو نياماً.
(1) تبيين الحقائق: 219/ 1 ومابعدها، الشرح الصغير: 499/ 1، مغني المحتاج: 285/ 1، المغني: 302/ 2.
(2)
ذكره البيهقي، واستدل ابن الجوزي على وجوب الخطبة بهذا، مع حديث «صلوا كما رأيتموني أصلي» وأخرج مسلم عن جابر بن سمرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، فيخطب قائماً
…
» وأخرج أبو داود عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، كان يجلس إذا صعِد المنبر حتى يفرغ أذان المؤذن، ثم يقوم، ثم يجلس، فلا يتكلم، ويقوم، فيخطب» وفي أحد رواته: فيه مقال (نصب الراية 196/ 2).
(3)
فتح القدير مع العناية:413/ 1 - 415، الدر المختار: 757/ 1 - 760، مراقي الفلاح: ص87، البدائع: 262/ 1، تبيين الحقائق: 219/ 1 ومابعدها.
ولو خطب قاعداً أو على غير طهارة، جاز لحصول المقصود، إلا أنه يكره لمخالفته الموروث، وللفصل بينها وبين الصلاة لتجديد طهارته، فالطهارة والقيام سنةعندهم، والسبب في ذلك أنها لا تقوم مقام الركعتين في الأصح؛ لأنها تنافي الصلاة، لما فيها من استدبار القبلة والكلام، فلا يشترط لها شرائط الصلاة.
ولو اقتصر الخطيب على ذكر الله تعالى كتحميدة أو تهليلة أو تسبيحة، فقال: الحمد لله، أو سبحان الله، أو لا إله إلا الله، جاز عند أبي حنيفة مع الكراهة، لقوله تعالى:{فاسعَوْا إلى ذكر الله} [الجمعة:9/ 62] والمراد به الخطبة باتفاق المفسرين، وقد أطلق عليها الذكر، من غير فصل بين قليل وكثير، فالزيادة عليها نسخ، وروي أن «عثمان رضي الله عنه: لما صعد المنبر أول جمعة ولّي، قال: الحمد لله، فأرتج (أي أغلق)، فنزل، وصلى» وكان بمحضر من علماء الصحابة، ولم ينكر عليه أحد، فدل على أن هذا المقدار كاف.
وقال الصاحبان: لا بد من ذِكْر طويل يسمى خطبة، وأقله قدر التشهد؛ لأن الخطبة هي الواجبة، والتسبيحة أو التحميدة لا تسمى خطبة. وشروط الخطبة عند الحنفية ستة: أن تكون قبل الصلاة، وبقصد الخطبة، وفي الوقت، وأن يسمعها واحد ممن تنعقد بهم الجمعة على الأقل في الصحيح، فيكفي حضور عبد أو مريض أو مسافر ولو جنباً، ولا تصح بحضور صبي أو امرأة فقط، ولا يشترط سماع جماعة.
ويشترط أيضاً ألا يفصل فاصل كثير أجنبي كتناول غداء أو غسل بين الخطبة والصلاة، فإن وجد أعيدت الخطبة، لبطلان الخطبة الأولى. ولا يشترط اتحاد الإمام والخطيب، لكن لا ينبغي أن يصلي غير الخطيب؛ لأنهما كشيء واحد. وأجازوا الخطبة، بغير العربية ولو لقادر عليها، سواء أكان القوم عرباً أم غيرهم.