الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلّى الله عليه وسلم، أما التحميد والثناء: فهو (سبحانك اللهم وبحمدك) بعد التكبيرة الأولى، والصلاة على النبي بعد الثانية، والدعاء للميت بعد الثالثة. ويندب أن تكون صفوف المصلين ثلاثة للحديث الآتي:«من صلى عليه ثلاثة صفوف غفر له» .
و
كيفيتها:
أن يرفع المصلي يديه في التكبيرة الأولى فقط، ويدعو بعدها بدعاء الثناء: وهو (سبحانك اللهم وبحمدك)، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كما في التشهد بعد التكبيرة الثانية؛ لأن تقديمها سنة الدعاء (1)، ثم يكبر تكبيرة يدعو فيها لنفسه وللميت وللمسلمين، ثم يكبر الرابعة ويسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر أربعاً في آخر صلاة صلاها (2)، فنسخت ما قبلها، فكان ما بعد التكبيرة الرابعة أوان التحلل، وذلك بالسلام. وليس بعد هذه التكبيرة دعاء إلا السلام في ظاهر الرواية. واختار بعض مشايخ الحنفية أن يقال:{ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة:2/ 201] أو {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا .. الآية} [آل عمران:3/ 8].
ولا قراءة ولا تشهد فيها، ولو كبر الإمام خمساً، لم يتبع، فيمكث المؤتم حتى يسلم معه إذا سلم. ولا يتعين للدعاء شيء معين، والدعاء بالمأثور بعد التكبيرة الثالثة أحسن وأبلغ لرجاء قبوله، ومنه: «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نُزُله، ووسِّع مَدْخله، واغسله بالماء والثلج والبَرَد، ونقِّه من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، وأبدله داراً خيراً من داره،
وأهلاً خيراً
(1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد أحدكم أن يدعو فليحمد الله، وليصل على النبي، ثم يدعو» .
(2)
روي من حديث ابن عباس عند الحاكم، ومن حديث عمر بن الخطاب عند البيهقي والطبراني، ومن حديث ابن أبي حثمة عند ابن عبد البر، ومن حديث أنس عند الحارث بن أبي أسامة في مسنده (نصب الراية:267/ 2).
من أهله (1) وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب النار» (2).
ومن المأثور أيضاً: «اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا (3) وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفَّيته منا، فتوفَّه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلَّنا بعده» (4).
ولا يستغفر لمجنون وصبي، إذ لا ذنب لهما، ويقول في الدعاء:«اللهم اجعله لنا فَرَطاً، واجعله لنا أجراً وذخراً، واجعله لنا شافعاً ومشفعاً» (5).
وأما مذهب المالكية (6): فلصلاة الجنازة عندهم خمسة أركان:
أولها - النية: بأن يقصد الصلاة على هذا الميت، أو على من حضر من أموات المسلمين، ولا يشترط معرفة كونه ذكراً أو أنثى، ولا يضر عدم استحضار أنها فرض كفاية، ولا اعتقاد الذكورة أو الأنوثة، إذ المقصود هذا الميت.
وثانيها - أربع تكبيرات، لا يزاد عليها ولاينقص عن الأربعة، كل تكبيرة بمنزلة ركعة في الجملة.
(1) المراد إبدال الأوصاف لا إبدال الذوات.
(2)
رواه مسلم والترمذي والنسائي عن عوف بن مالك، وقال:«حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت» (سبل السلام:104/ 2).
(3)
أي ثبته عند التكليف للأفعال الصالحة، وإلا فلا ذنب له، والمراد: استيعاب الدعاء، فالمعنى: اغفر للمسلمين كلهم.
(4)
رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة (سبل السلام:105/ 2) والمراد بكلمة «الإسلام» المعنى اللغوي وهو الاستسلام والانقياد لله تعالى، والمراد بكلمة «الإيمان» المعنى الشرعي وهو التصديق القلبي، والإسلام مناسب لحال الحياة: وهو الانقياد بالأعمال الظاهرة، والإيمان مناسب لحال الوفاة لأن العمل غير موجود.
(5)
فرطاً: أي أجراً متقدماً، والفرط: هو الذي يتقدم الإنسان من ولده، وذخراً: ذخيرة، وشافعاً مشفعاً أي مقبول الشفاعة.
(6)
الشرح الصغير:553/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص94، شرح الرسالة:280/ 1 - 284، الشرح الكبير:41/ 1 - 413، بداية المجتهد:226/ 1 ومابعدها.
فإن زاد الإمام خامسة عمداً أو سهواً لم ينتظر، بل يسلّمون قبله، وصحت لهم وله أيضاً، إذ التكبير ليس كالركعات من كل وجه. فإن انتظروا سلموا معه وصحت الصلاة.
وإن نقص عن الأربع سبِّح له، فإن رجع، وكبر الرابعة كبروا معه وسلموا بسلامه، وإلا يرجع كبروا لأنفسهم وسلموا وصحت.
وإنما خالفت صلاة الجنازة غيرها؛ لأن بعض السلف كان يرى أنها أكثر من أربع تكبيرات، وبعضهم يرى أنها أقل.
ويرى الشيعة الإمامية (1) أنها خمس تكبيرات بينها أربعة أدعية، ولا يتعين دعاء. ودليل القائلين بالزيادة على أربع حديث حذيفة: أنه صلى على جنازة فكبر خمساً، ثم التفت، فقال: ما نسيت ولاوَهِمت، ولكن كبرت كما كبر النبي صلى الله عليه وسلم، صلى على جنازة فكبر خمساً (2).
ورجح جمهور أهل السنة كون التكبير أربعاً بمرجحات منها: أنها في الصحيحين، ولإجماع الصحابة على العمل بها، وأنها آخر ما وقع منه صلى الله عليه وسلم (3).
وثالثها: الدعاء للميت بين التكبيرات بما تيسر، ولو:«اللهم اغفر له» ويدعو بعد التكبيرة الرابعة إن أحب، وإن أحب لم يدع وسلم، والمشهور عدم وجوب الدعاء، والمختار عند الدردير: وجوب الدعاء بعد هذه التكبيرة، وليس في الصلاة قراءة الفاتحة، لكن من الورع مراعاة الخلاف.
(1) المختصر النافع في فقه الإمامية: ص64.
(2)
رواه أحمد، وفي إسناده يحيى بن عبد الله الجابري، وهو متكلم عليه. وروى البخاري عن علي أنه كبر على سهل بن حنيف ستاً، وقال: إنه شهد بدراً (نيل الأوطار:59/ 4).
(3)
أخرج الحاكم عن ابن عباس: «آخر ما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربع» (نيل الأوطار:58/ 4).
ويثنِّي إن كان الميت اثنين، ويجمع إن كانوا جماعة، فيقول في حال التثنية:«اللهم إنهما عبداك وابنا عبيدك، وابنا أمتيك كانا يشهدان» ويقول للجماعة: «اللهم إنهم عبيدك، وأبناء عبيدك، وأبناء إمائك كانوا يشهدون» ويغلَّب الذكر على الأنثى إن اجتمع ذكور وإناث.
ودليل مشروعية الدعاء للميت حديث: «إذا صليتم على الميت، فأخلصوا له الدعاء» (1). والدعاء من الإمام والمأموم بعد كل تكبيرة، وأقله:«اللهم اغفر له» أو ارحمه وما في معناه.
وأحسنه دعاء أبي هريرة رضي الله عنه وهو أن يقول بعد الثناء على الله تعالى، والصلاة على نبيه:«اللهم إنه عبدك وابن عبادك، وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده» (2).
ويقول في المرأة: «اللهم إنها أمتك وبنت عبدك، وبنت أمتك» وفي الطفل الذكر: «اللهم إنه عبدك وابن عبدك، أنت خلقته ورزقته وأنت أمتَّه وأنت تحييه، اللهم اجعله لوالديه سلفاً وذخراً وفرطاً (3)، وأجراً، وثقِّل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، ولا تفتنا وإياهما بعده، اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وعافه من فتنة القبر، وعذاب جهنم» .
(1) رواه أبو داود وابن حبان وابن ماجه وفيه ابن إسحاق، وقد عنعن (نيل الأوطار:63/ 4).
(2)
وروي أيضاً عن أبي قتادة، رواه أحمد والبيهقي وذكره الشافعي، وسنده ضعيف (المجموع:193/ 5 - 195).
(3)
أي أجراً يتقدمهما حتى يردا عليه، كما سبق بيانه. ورابعها: تسليمة واحدة يجهر بها الإمام بقدر التسميع، وندب لغير الإمام إسرارها.