الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يحرم الكلام على الخطيب، ولا على من سأله الخطيب، كأن يأمر إنساناً لغا أو خالف السنة أو ينهاه، فيقول: أنصت، أو لا تتكلم، أو لا تتخط أعناق الناس ونحو ذلك، وجاز للمأمور إجابته إظهاراً لعذره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «سأل سليكاً الداخل، وهو يخطب: أصليت؟ قال: لا» (1) وعن ابن عمر: «أن عمر بينا هو يخطب يوم الجمعة، إذ دخل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناداه عمر: أية ساعة هذه قال: إني شغلت اليوم، فلم أتقلب إلى أهلي، حتى سمعت النداء، فلم أزد على أن توضأت، قال عمر: الوضوء أيضاً؟! وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل» (2)،ولأن تحريم الكلام علته الاشتغال عن الإنصات الواجب وسماع الخطبة، ولا يحصل ههنا. وكذلك من كلم الإمام لحاجة، أو سأله عن مسألة، بدليل الخبر المذكور.
الترقية بين يدي الخطيب:
وهي قراءة: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} [الأحزاب:56/ 33] وإيراد الحديث المتفق عليه: «إذا قلت لصاحبك أنصت فقد لغوت» . وحكمها أنها بدعة لحدوثها بعد الصدر الأول، قيل: لكنها حسنة لما فيها من التذكير بمضمون الحديث والآية، غير أنها مكروهة تحريماً عند أبي حنيفة لحرمة أي كلام بعد صعود الإمام المنبر، وجائزة عند الصاحبين، وبدعة مكروهة عند المالكية إلا إذا شرطها الواقف في كتاب وقفه، وقال الشافعية: هي بدعة حسنة فيها تذكير بخير، وأجاز الحنابلة الكلام قبل الخطبة وفي الجلوس بين الخطبتين.
21 -
تحية المسجد للداخل والإمام يخطب: سنة عند الشافعية والحنابلة (3) لما
(1) رواه مسلم، وروي في موضوعه عن جابر (نيل الأوطار: 256/ 3).
(2)
متفق عليه.
(3)
المجموع: 427/ 4 ومابعدها، المهذب: 115/ 1، المغني: 319/ 2.
روى جابر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس، فقال:«وصليت يا فلان؟» قال: لا، قال:«قم فاركع» وفي رواية: «فصل ركعتين» (1) وقال صلى الله عليه وسلم في رواية: «إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، فليصل ركعتين» (2) وماعدا التحية تحرم الصلاة بمجرد صعود الخطيب المنبر، حتى وإن لم يباشر بالخطبة.
وقال أبو حنيفة ومالك (3): إذا خرج الإمام إلى المنبر فلا صلاة ولا كلام، فلا تصلى تحية المسجد وتكره، وإنما يجلس الداخل ولا يركع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي جاء يتخطى رقاب الناس:«اجلس، قد آذيت» (4) وأجاز المالكية التحية لداخل يقتدى به من عالم أو سلطان أو إمام، لا لغيرهم.
13 -
نزول الإمام عن المنبر: قال الشافعية: يبادر الخطيب بالنزول عن المنبر ليبلغ المحراب، مع فراغ المؤذن من الإقامة، مبالغة في تحقيق الموالاة ما أمكن بين الخطبة والصلاة.
وقال الحنابلة: إذا فرغ الإمام من الخطبة، نزل عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة، كما يقوم إلى الصلاة عندهم غير الخطيب حينئذ. ويستحب أن يكون حال صعود الخطيب على تؤدة، وإذا نزل يكون مسرعاً من غير عجلة، مبالغة في الموالاة بين الخطبتين والصلاة.
(1) متفق عليه، بل رواه الجماعة، وروى الخمسة إلا أبا داود عن أبي سعيد الخدري مثله (نيل الأوطار: 255/ 3).
(2)
رواه مسلم بلفظه، والبخاري بمعناه عن جابر، ورواه أحمد ومسلم وأبو داود:«إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما» (نيل الأوطار: 256/ 3).
(3)
اللباب: 115/ 1، مراقي الفلاح: ص88 ومابعدها، رد المحتار: 769/ 1، القوانين الفقهية: ص81، بداية المجتهد: 158/ 1.
(4)
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وأحمد عن عبد الله بن بسر، وزاد أحمد:«وآنيت» أي أبطأت وتأخرت (نيل الأوطار: 252/ 3).