الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودليل التحويل للناس: حديث عبد الله بن زيد: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استسقى لنا، أطال الدعاء، وأكثر المسألة، ثم تحول إلى القبلة، وحول رداءه، فقلبه ظهراً لبطن، وتحول الناس معه» (1).
قال الحنابلة: ويظل الرداء محولاً حتى يُنزغ مع الثياب بعد الوصول إلى المنزل، لعدم نقل إعادته. والخلاصة: إن تحويل الرداء للتفاؤل بتحويل الحال من الشدة إلى الرخاء، و «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن» (2).
خامساً ـ ما يستحب في الاستسقاء أو وظائف الاستسقاء:
يستحب للاستسقاء ما يأتي (3) بالإضافة لما ذكر سابقاً في الخطبة والخروج للصلاة:
1ً - يأمر الإمام الناس بالتوبة من المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر والخير من صدقة وغيرها، والخروج من المظالم وأداء الحقوق؛ لأن ذلك أرجى للإجابة، قال تعالى:{ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدراراً} [هود:52/ 11]، ولأن المعاصي والمظالم سبب القحط ومنع القطر، والتقوى سبب البركات، لقوله تعالى:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} [الأعراف:7/ 96] ويأمرالإمام أيضاً بصيام
(1) رواه أحمد (نيل الأوطار:11/ 4).
(2)
رواه الشيخان عن أنس بلفظ: «يعجبني الفأل: الكلمة الحسنة، والكلمة الطيبة» وفي رواية لمسلم «وأحب الفأل الصالح» .
(3)
الدر المختار: 792/ 1، البدائع:284/ 1، اللباب:122/ 1 ومابعدها، مراقي الفلاح: ص93، القوانين الفقهية: ص67، الشرح الصغير:538/ 1 - 540، مغني المحتاج:321/ 1 - 326، المهذب:123/ 1 - 125، المغني:430/ 2، 438، كشاف القناع:75/ 2 ومابعدها.
ثلاثة أيام متتابعة قبل صلاة الاستسقاء، ويخرج الناس في يوم آخر صياماً، أو في اليوم الرابع إلى الصحراء صياماً فتصير أيام الصيام أربعة؛ لأنه وسيلة إلى نزول الغيث لما فيه من الرياضة والخشوع، وقد روي:
«ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم» (1).
قال الشافعية: ويلزم الناس امتثال أمر الإمام. وقال الحنابلة: ولا يلزم الصيام والصدقة بأمره.
ويأمرهم الإمام أيضاً بالصدقة؛ لأنها متضمنة للرحمة المفضية إلى رحمتهم بنزول الغيث. كما يأمرهم بترك التشاحن من الشحناء وهي العداوة؛ لأنها تحمل على المعصية والبهت، وتمنع نزول الخير بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت» (2) ويعين الإمام يوماً يخرج الناس فيه (3).
2ً - أن يخرج الإمام والناس مشاة إلى الاستسقاء في الصحراء ثلاثة أيام متتابعة، إلا في مكة والمدينة وبيت المقدس، فيجتمعون في المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، كما قدمنا.
وإن لم يخرج الإمام خرج الناس لصلاة الاستسقاء عند الحنفية، وإذا خرجوا، اشتغلوا بالدعاء، ولم يصلوا بجماعة إلا إذا أمر الإمام إنساناً أن يصلي بهم جماعة؛ لأن هذا دعاء، فلا يشترط له حضور الإمام. وإن خرجوا بغير إذن الإمام، جاز؛ لأنه دعاء، فلا يشترط له إذن الإمام.
(1) رواه الترمذي عن أبي هريرة وقال: حديث حسن، ورواه البيهقي عن أنس، وقال:«دعوة الصائم والوالد والمسافر» .
(2)
رواه أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري (نيل الأوطار:277/ 4) وتلاحى: تنازع.
(3)
رواه أبو داود عن عائشة (نيل الأوطار:3/ 4).
وقال الشافعية: إذا كان الوالي بالبلد لا يخرج الناس إلى الصحراء حتى يأذن لهم، لخوف الفتنة. وعند الحنابلة روايتان: إحداهما ـ لا يستحب إلا بخروج الإمام أو نائبه، فإذا خرجوا دعوا وانصرفوا بلا صلاة ولا خطبة. وفي رواية أخرى: إنهم يصلون لأنفسهم، ويخطب بهم أحدهم.
3ً - التنظيف للاستسقاء بغسل وسواك وإزالة رائحة وتقليم أظفار ونحوه، لئلا يؤذي الناس، وهو يوم يجتمعون له كالجمعة.
ولا يستحب التطيب؛ لأنه يوم استكانة وخضوع، ولأن الطيب للزينة وليس هذا وقت زينة.
4ً - يخرج المرء إلى المصلى متواضعاً متذللاً، متخشعاً (خاضعاً) متضرعاً (مستكيناً) متبذلاً (في ثياب بَذْلة)، لحديث ابن عباس السابق:«خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعاً متخشعاً، حتى أتى المصلى» (1).
5ً - التوسل بأهل الدين والصلاح والشيوخ والعلماء المتقين والعجائز والأطفال والدواب، تحصيلاً للتحنن، وإظهار الضجيج بالحاجات، كما بينا سابقاً (2)، ويسن لكل من حضر أن يستشفع سراً بخالص عمله.
6ً - الخروج إلى المصلى في الصحراء: لحديث عائشة: «شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى» (3)، ولأن الجمع يكثر، فكان المصلى أرفق بهم.
(1) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
اتفق الأئمة على أن الدعاء عند قبر رجاء الإجابة بدعة، لا قربة. وقال أحمد وغيره: في قوله صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق» : الاستعاذة لا تكون بمخلوق (كشاف القناع:77/ 2).
(3)
رواه أبو داود بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم.