الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زعم المقتدي، لبنائه على الفاسد في زعمه، فلا يصح. أما لو فسدت الصلاة في زعم الإمام وهو لا يعلم به، وعلمه المقتدي، صحت الصلاة في قول الأكثر، وهو الأصح؛ لأن المقتدي يرى جواز صلاة إمامه، والمعتبر في حقه رأي نفسه (1).
8 -
اشترط الحنابلة (2) أن يقف المأموم إن كان واحداً عن يمين الإمام، فإن خالف ووقف عن يساره أو خلفه مع خلو يمينه، وصلى ركعة كاملة، بطلت صلاته إن كان ذكراً أو خنثى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس وجابراً إلى اليمين وهو في الصلاة. فإن كان امرأة، فلا تبطل صلاتها بالوقوف خلف الإمام؛ لأنه موقفها المشروع.
وإذا وقف المأموم عن يسار الإمام، أحرم أو لا، سُنَّ للإمام أن يديره من ورائه إلى يمينه، ولم تبطل تحريمته، لفعله صلى الله عليه وسلم السابق بابن عباس وجابر.
ثانياً: موقف الإمام والمأموم:
للصلاة جماعةً كيفية منظمة على نحو مرتب معين ثابت في السنة النبوية، بحيث يتقدم الإمام، ويقف المأمومون خلفه رجالاً كانوا أو نساء؛ لفعله صلى الله عليه وسلم:«كان إذا قام إلى الصلاة قام أصحابه خلفه» (3) ويتقدم الإمام إلا إمام العراة، فيقف وجوباً وسطهم عند الحنابلة وندباً عند غيرهم، وإلا إمامة النساء فيستحب للمرأة أن تقف وسطهن، لما روي عن عائشة، ورواه سعيد بن منصور عن أم سلمة أنهما أمتا نساء وسطهن (4)، ولأنه يستحب لها التستر، وهذا أستر للمرأة الإمام.
(1) رد المحتار:514/ 1.
(2)
كشاف القناع:573/ 1.
(3)
رواه أحمد وأبو داود عن أبي مالك الأشعري (نصب الراية:36/ 2، نيل الأوطار:182/ 3).
(4)
رواهما الشافعي في مسنده والبيهقي في سننه بإسنادين حسنين.
وكيفية وقوف المأمومين على النحو التالي (1):
أـ إذا كان مع الإمام رجل واحد أو صبي مميز، استحب أن يقف عن يمين الإمام، مع تأخره قليلاً بعقبه. وتكره عند الجمهور مساواته له، أو الوقوف عن يساره أو خلفه لمخالفته السنة، وتصح الصلاة ولا تبطل. وقال الحنابلة كما بينا: تبطل الصلاة إن صلى على هذا النحو المخالف ركعة كاملة.
ودليل هذه الكيفية ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بت عند خالتي ميمونة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه» (2).
ب ـ إن كان رجل وامرأة، قام الرجل عن يمين الإمام، والمرأة خلف الرجل. وقال الحنابلة: إن أم الرجل خنثى مشكلاً وحده، فالصحيح أن يقف عن يمين الإمام احتياطاً لاحتمال أن يكون رجلاً. فإن كان مع الخنثى رجل، وقف الرجل عن يمين الإمام، والخنثى عن يساره، أو عن يمين الرجل، ولا يقفان خلفه، لجواز أن يكون امرأة، وإن كان رجلاً وخنثى وقف الثلاثة صفاً خلف الإمام.
جـ ـ إن كان رجلان أو رجل وصبي، صفَّا خلف الإمام، وكذا إن كان امرأة أو نسوة، تقوم أو يقمن خلفه بحيث لا يزيد ما بينه وبين المقتدين عن ثلاثة أذرع، لخبر مسلم عن جابر قال:«صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت عن يمينه، ثم جاء جابر ابن صخر، فقام عن يساره، فأخذ بأيدينا جميعاً حتى أقامنا خلفه» (3).
(1) الدر المختار:529/ 1 - 534، فتح القدير:254/ 1، الكتاب بشرح اللباب:82/ 1 ومابعدها، الشرح الصغير:457/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص69، المهذب:99/ 1 ومابعدها، المجموع186ومابعدها، مغني المحتاج:246/ 1 ومابعدها، كشاف القناع:571/ 1 - 579، المغني:204/ 2، 212 - 219، بداية المجتهد:143/ 1.
(2)
رواه البخاري ومسلم.
(3)
رواه مسلم، وأبو داود ولفظ الأخير: «أن جابراً وجباراً
…
».
أما الرجل والصبي والمرأة والنسوة، فلما في الصحيحين عن أنس:«أنه عليه الصلاة والسلام صلى في بيت أم سليم، فقمت أنا ويتيم خلفه، وأم سليم خلفنا» (1)، فلو حدثت مخالفة لما ذكر كره.
وقال الحنابلة في الصبي والرجل: يقف الرجل عن يمين الإمام والصبي يقف عن يمينه أو يساره، لا خلفه. وقال الحنفية في هذا: لا تكره المساواة مع الإمام.
د ـ إذا اجتمع رجال وصبيان وخناثى وإناث: صف الرجال ثم الصبيان، ثم الخناثى ولو منفردة، ثم النساء، لقوله صلى الله عليه وسلم:«ليلني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق» (2)، وعلى هذا: السنة أن يتقدم في الصف الأول أولو الفضل والسن، ويلي الإمام أكملهم، ويؤخر الصبيان والغلمان، ولا يلون الإمام. والزائد يقف خلف الصف، ولو قام واحد بجنب الإمام، وخلفه صف، كره إجماعاً.
هـ ـ يقف الإمام وسط القوم في الصف، لقوله صلى الله عليه وسلم:«وسطوا الإمام وسدّوا الخلل» (3)، والسنة أن يقوم في المحراب ليعتدل الطرفان لأن المحاريب نصبت وسط المساجد، وقد عينت لمقام الإمام فإن وقف عن يمينهم أو يسارهم، فقد أساء بمخالفة السنة، والإساءة عند الحنفية دون كراهة التحريم، وأفحش من كراهة التنزيه (4). قال أبو حنيفة وقوله هو الأصح: أكره أن يقوم الإمام بين الساريتين، أو في زاويةأو في ناحية المسجد، أو إلى سارية؛ لأنه خلاف عمل الأمة.
(1) نيل الأوطار:182/ 3، وروى الجماعة عن أنس: أنه قام مع اليتيم خلف النبي، وقامت العجوز من ورائهما (المصدر نفسه).
(2)
روي من حديث ابن مسعود، والبراء بن عازب، فأما الأول فأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وأما الثاني فرواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وأما الثالث فرواه الحاكم في المستدرك (نصب الراية:37/ 2).
(3)
رواه أبو داود.
(4)
رد المحتار:530/ 1 ومابعدها. وتقدم الإمام عند الحنفية أمام الصف: واجب.