الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يُتم صلاته حتى يدخل أول بيوت البلد الذي يقصده للإقامة فيه.
ولا يزال المسافر على حكم السفر حتى ينوي الإقامة مدة معينة سنذكرها.
الرابع ـ مقدار الزمان الذي يقصر فيه إذا أقام المسافر في موضع:
يظل للمسافر حق القصر ما لم ينو الإقامة في بلد مدة معينة، وقد اختلف الفقهاء على رأيين في تقدير هذه المدة (1).
فقال الحنفية: يصير المسافر مقيماً، ويمتنع عليه القصر إذا نوى الإقامة في بلد خمسة عشر يوماً، فصاعداً، فإن نوى تلك المدة، لزمه الإتمام، وإن نوى أقل من ذلك قصر.
ودليلهم: القياس على مدة الطهر للمرأة؛ لأنهما مدتان موجبتان العودة إلى الأصل، فإن مدة الطهر توجب إعادة ما سقط بالحيض، والإقامة توجب إعادة ما سقط بالسفر، فكما قدر مدة الطهر بخمسة عشر يوماً، فكذلك يقدر أدنى مدة الإقامة. وهذا التقرير مأثور عن ابن عباس وابن عمر، قالا: إذا دخلت بلدة وأنت مسافر، وفي عزمك أن تقيم بها خمسة عشر يوماً، فأكمل الصلاة، وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصر.
وإن كان ينتظر قضاء حاجة معينة، له القصر ولو طال الترقب سنين، فمن دخل بلداً، ولم ينو أن يقيم فيه خمسة عشر يوماً، وإنما يترقب السفر، ويقول: أخرج غداً أو بعد غد مثلاً، حتى بقي على ذلك سنين، صلى ركعتين أي قصر؛
(1) فتح القدير مع العناية: 397/ 1 ومابعدها، اللباب: 107/ 1 ومابعدها، بداية المجتهد: 63/ 1 ومابعدها، الشرح الصغير: 481/ 1، مغني المحتاج: 264/ 1 ومابعدها، المهذب: 103/ 1، كشاف القناع: 605/ 1، القوانين الفقهية: ص85، الشرح الكبير: 364/ 1.
لأن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر، وكان يقصر، وروي عن جماعة من الصحابة مثل ذلك.
وإذا دخل العسكر أرض الحرب، فنووا الإقامة بها خمسة عشر يوماً، أو حاصروا فيها مدينة أو حصناً، قصروا، ولم يتموا الصلاة، لعدم صحة النية؛ لأن الداخل قلق غير مستقر، فهو متردد بين أن يَهزِم العدو فيَقر، أو يُهزَم من عدوه فيفر. وهذا موافق لمذهب المالكية أيضاً.
وقال المالكية والشافعية: إذا نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع، أتم صلاته؛ لأن الله تعالى أباح القصر بشرط الضرب في الأرض، والمقيم والعازم على الإقامة غير ضارب في الأرض، والسنة بينت أن ما دون الأربع لا يقطع السفر، ففي الصحيحين:«يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثاً» وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في عمرته ثلاثاً يقصر (1).
وقدر المالكية المدة المذكورة بعشرين صلاة في مدة الإقامة، فإذا نقصت عن ذلك قصر.
ولم يحسب المالكية والشافعية يومي الدخول والخروج على الصحيح عند الشافعية؛ لأن في الأول حط الأمتعة، وفي الثاني الرحيل، وهما من أشغال السفر.
وقال الحنابلة: إذا نوى أكثر من أربعة أيام أو أكثر من عشرين صلاة، أتم، لحديث جابر وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة ذي الحجة، فأقام بها
(1) راجع نيل الأوطار: 207/ 3 ومابعدها.