الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسجودها دليل الإيمان، وطريق الجنة، روى أبو هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:«إذا قرأ ابن آدم السجدة، فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: ياويله، أمر ابن آدم بالسجود، فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود، فعصيت، فلي النار» (1).
ويسجد القارئ والسامع، لخبر ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: «والنجم، فسجد فيها، وسجد معه الجن والإنس، إلا أمية بن خلف، فقتل يوم بدر مشركاً» (2).
وطلب السجود في القرآن العظيم: إما أن يكون بصيغة الأمر الصريح، مثل {واسجد واقترب} [العلق:19/ 96]، وإما أن يكون حكاية عن امتثال الأنبياء، أو سائر المخلوقات، مثل قوله سبحانه:{إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سُجَّداً وبكياً} [مريم:58/ 19]، وقوله تعالى:{ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً} [الرعد:15/ 13].
ثانياً ـ حكمها الفقهي:
سجدة التلاوة واجبة بالتلاوة على القارئ والسامع عند الحنفية، سنة عند بقية الفقهاء (3)، سواء عند الحنفية والشافعية قصد السامع سماع القرآن أو لم
(1) رواه مسلم، وابن ماجه (نصب الراية: 2/ 178).
(2)
متفق عليه في الصحيحين.
(3)
انظر ما يتعلق بالسجدة: فتح القدير: 1/ 380 - 392، البدائع: 1/ 179 - 195، الدر المختار: 1/ 715 - 730،، اللباب: 1/ 103 - 105، الشرح الصغير: 416/ 1 - 422، القوانين الفقهية: ص 90 وما بعدها، مغني المحتاج: 1/ 214 - 217، المهذب: 1/ 85 وما بعدها، المغني: 1/ 616 - 627، كشاف القناع: 1/ 521 - 526.
يقصد، أي فتطلب من القارئ والمستمع (وهو قاصد السماع) والسامع (وهو من لم يقصد السماع)، أما الحائض والنفساء، فلا تطلب منهما بالاتفاق، وأما عند المالكية والحنابلة فإن السجود يسن فقط للتالي والمستمع، دون السامع غير القاصد للسماع، فلا يستحب له.
استدل الحنفية على الوجوب بحديث: «السجدة على من سمعها، وعلى من تلاها» (1) وهي كلمة إيجاب وهو غير مقيد بالقصد، وبقوله تعالى:{فمالهم لايؤمنون، وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} [الانشقاق:20/ 84 - 21] ولايذم إلا على ترك واجب: ولأنه سجود يفعل في الصلاة، فكان واجباً، كسجود الصلاة.
ودليل الجمهور على سنية التلاوة: ما روى زيد بن ثابت قال: «قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم، فلم يسجد منا أحد» (2)، ولأنه إجماع الصحابة، وروى البخاري والأثرم عن عمر:«أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل، فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاءت السجدة قال: يا أيها الناس، إنما نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ولم يسجد عمر» وفي لفظ: «إن الله لم يفرض علينا السجود، إلا إن نشاء» (3). وعلى هذا فمن سجد فحسن، ومن ترك فلا شيء عليه.
أما دليل طلب السجدة من السامع: فهو حديث ابن عمر السابق، ولأنه
(1) قال عنه الزيلعي: حديث غريب، والصحيح أنه مروي عن عثمان وابن عمر (نصب الراية:178/ 2).
(2)
هذا لفظ الدارقطني، رواه الجماعة إلا ابن ماجه (نيل الأوطار: 3/ 101).
(3)
نيل الأوطار: 3/ 102.