الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاشراً ـ الصلاة على الغائب:
للفقهاء رأيان في الصلاة على الغائب عن البلد (1):
رأي الحنفية والمالكية: عدم جواز الصلاة على الغائب، وصلاة النبي على النجاشي لغوية أو خصوصية، وتكون الصلاة حينئذ مكروهة.
ورأى الشافعية والحنابلة: جواز الصلاة على الميت الغائب عن البلد، وإن قربت المسافة، ولم يكن في جهة القبلة، لكن المصلي يستقبل القبلة، لما روى جابر:«أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي، فكبر عليه أربعاً» (2).
وتتوقت الصلاة على الغائب عند الحنابلة بشهر، كالصلاة على القبر؛ لأنه لا يعلم بقاؤه من غير تلاش أكثر من ذلك.
الحادي عشر ـ الصلاة على المولود:
يصلى على المولود أو السقط عند الحنابلة (3) إذا ولد لأكثر من أربعة أشهر، ويغسل أيضاً، والسقط: الولد تضعه المرأة ميتاً، أو لغير تمام، فأما إن خرج حياً واستهل فإنه يغسل ويصلى عليه بغير خلاف.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» (4) وفي لفظ رواية النسائي والترمذي: «والطفل يصلى عليه» وقال
(1) الدر المختار:813/ 41، القوانين الفقهية: ص94، الشرح الصغير:571/ 1، المجموع:209/ 5، المهذب:134/ 1، مغني المحتاج:345/ 1، المغني:512/ 2 ومابعدها، كشاف القناع:126/ 2.
(2)
متفق عليه، وروى أحمد مثله عن أبي هريرة، كما روى ذلك أحمد والنسائي والترمذي وصححه (نيل الأوطار:48/ 4 ومابعدها).
(3)
المغني:522/ 2، كشاف القناع:116/ 2 ومابعدها.
(4)
رواه أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي، وقال عن حديثه: هذا حديث حسن صحيح.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «ما أحد أحق أن يصلى عليه من الطفل» ، ولأنه نسمة نفخ فيه الروح، فيصلي عليه كالمستهل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في حديثه الصادق المصدوق أنه ينفخ فيه الروح لأربعة أشهر.
وقال الجمهور (1): يصلى على المولود إن ظهرت عليه أمارات الحياة. وعباراتهم ما يأتي:
قال الحنفية: إن استهل المولود سمي وغسل وصلي عليه، واستهلال الصبي: أن يرفع صوته بالبكاء عند الولادة، أو أن يوجد منه ما يدل على حياته بعد خروج أكثره. وإن لم يستهل غسل وسمي في الأصح المفتى به على خلاف ظاهر الرواية، ويدرج في خرقة إكراماً لبني آدم، ولم يصل عليه.
ودليلهم حديث علي: أنه سمع سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في السقط: «لا يصلى عليه حتى يستهل، فإذا استهل صلي عليه، وعُقل، وورِّث، وإن لم يستهل لم يصل عليه، ولم يورث ولم يُعقل» (2) أي لادية له وهي خمسون ديناراً.
وقال الشافعية: السقط إن استهل أو بكى ككبير، فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن لتيقن موته بعد حياته. وإن لم يستهل أو لم يبك: فإن ظهرت أمارة الحياة كاختلاج صلِّي عليه في الأظهر، لاحتمال الحياة بهذه القرينة الدالة عليها وللاحتياط. وإن لم تظهر لم يصل عليه، وإن بلغ أربعة أشهر في الأظهر.
(1) فتح القدير:465/ 1، الدر المختار:828/ 1 - 830، مراقي الفلاح: ص99 ومابعدها، الشرح الصغير:574/ 1، القوانين الفقهية: ص93 ومابعدها، مغني المحتاج:349/ 1، المهذب:134/ 1، بداية المجتهد: 232/ 1 ومابعدها.
(2)
رواه ابن عدي، وروى أيضاً مثله عن ابن عباس بلفظ «إذا استهل الصبي صلي عليه، وورث» وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه عن جابر موقوفاً عليه في الأصح: «الطفل لا يصلى عليه، ولا يرث، ولا يورث حتى يستهل» (نصب الراية:277/ 2 - 278).