الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً ـ حكم الصلاة على الميت:
الصلاة على الميت غير الشهيد فرض كفاية على الأحياء بالإجماع، كالتجهيز والغسل والتكفين والدفن (1)، إذا فعلها البعض ولو واحداً سقط الإثم عن الباقين، وهي من خصائص هذه الأمة، كالإيصاء بالثلث. وقد صلى الصحابة على النبي، وأمر النبي بالصلاة على السقط والطفل، وصلى النبي على النجاشي (2).
وإذا أريدت الصلاة، نودي «الصلاة على الميت» .
وهي عند الحنفية (3) فرض على مسلم مات إلا أربعة: هم البغاة وقطاع الطرق، إذا قتلوا في الحرب، وأهل العُصْبة، أو أهل العصبية، والمكابر في مصر ليلاً بسلاح، أو بخناق (وهو من تكرر منه الخنِق في المصر).
أما البغاة: وهم قوم مسلمون خرجوا على طاعة الإمام بغير حق، فلا يغسلون ولا يصلى عليهم، إهانة لهم، وزجراً لغيرهم عن فعلهم، وذلك إذا قتلوا في أثناء حربهم. أما إذا قتلوا بعد استيلاء السلطة الحاكمة عليهم، فإنهم يغسلون ويصلى عليهم؛ لأن قتلهم حينئذ للسياسة أو لكسر شوكتهم، فهو في حكم الحد، لعود نفعه إلى الجماعة.
وأما قطاع الطرق: وهم جماعة من المسلمين خرجوا على المارة بقصد أخذ
(1) الدر المختار ورد المحتار:811/ 1،814، مراقي الفلاح: ص98، العناية بهامش فتح القدير: 455/ 1، المهذب:132/ 1.
(2)
روى الصلاة على النبي ابن ماجه عن ابن عباس، وروى أحمد وأبو داود الصلاة على السقط عن المغيرة، وروى أحمد والنسائي والترمذي الصلاة على الطفل، وروى أحمد والشيخان الصلاة على النجاشي (نيل الأوطار:41/ 4،45،48).
(3)
الدر المختار:814/ 1 ومابعدها، مغني المحتاج:361/ 1.
أموالهم، فلايغسلون ولا يصلى عليهم كالبغاة إذا قتلوا في الحرب، ويغسلون ويصلى عليهم إذا قتلوا بعد ثبوت يد الإمام عليهم؛ لأن قتل قاطع الطريق في هذه الحالة حد أو قصاص، ومن قتل بذلك يغسل ويصلى عليه. ويكون قتله قصاصاً في حالة سقوط الحد كقطع الطريق على قريب محرم.
فلو مات واحد من البغاة أو القطاع حتف أنفه قبل الأخذ أو بعده، يصلى عليه.
وأما أهل العُصْبة أو العصبية: وهم الذين يتعاونون على الظلم، ويغضبون للقوم أو القبيلة (1)، فحكم المقتولين منهم في العصبية كحكم أهل البغي على التفصيل السابق. ومنهم الواقفون الناظرون إليهم إن أصابهم حجر أو غيره، وماتوا في تلك الحالة. أما لو ماتوا بعد تفريقهم فيصلى عليهم.
وأما المكابر في مصر بسلاح أو خنق: فهو قاطع طريق على الرأي المفتى به عند الحنفية، وهو قول أبي يوسف، إذا كان في المصر ليلاً مطلقاً، أو نهاراً بسلاح أو بتكرر الخنق منه، يقتل سياسة لسعيه بالفساد، ولدفع شره. وحكمه كقاطع الطريق، أو البغاة، لا يغسل ولا يصلى عليه.
ولا يصلى على قاتل أحد أبويه إهانة له إذا قتله الإمام قصاصاً، فإن مات حتف أنفه يصلى عليه.
ومن قتل نفسه عمداً يغسل ويصلى عليه، على المفتى به عند الحنفية، وعند الشافعية، وإن كان أعظم وزراً من قاتل غيره؛ لأنه فاسق غير ساع في الأرض بالفساد، وإن كان باغياً على نفسه كسائر فساق المسلمين.
(1) العصبي: من يعين قومه على الظلم، ويغضب لعصبته، ومنه الحديث «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية» حديث حسن رواه أبو داود عن جبير بن مطعم.