الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، جاز، فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة، ويبيت عندهم ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه.
خامساً ـ القراءة على الميت وإهداء الثواب له:
ههنا مسائل للفقهاء (1):
أـ أجمع العلماء على انتفاع الميت بالدعاء والاستغفار بنحو «اللهم اغفر له، اللهم ارحمه» ، والصدقة، وأداء الواجبات البدنية ـ المالية التي تدخلها النيابة كالحج، لقوله تعالى:{والذين جاءوا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر:10/ 59] وقوله سبحانه: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} [محمد:19/ 47]، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة حين مات، وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك، ولكل ميت صلى عليه. وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«يا رسول الله، إن أمي ماتت، فينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم» (2)، وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:«يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى» (3) وقال للذي سأله: «إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال: نعم» .
(1) الدر المختار ورد المحتار:844/ 1 ومابعدها، فتح القدير:473/ 1، شرح الرسالة:289/ 1، الشرح الكبير:423/ 1، الشرح الصغير:568/ 1،580، مغني المحتاج:69/ 3 - 70، المغني:566/ 2 - 570، كشاف القناع:191/ 2، المهذب:464/ 1.
(2)
رواه أبو داود، وروي ذلك عن سعد بن عبادة.
(3)
رواه أحمد والنسائي عن عبد الله بن الزبير (نيل الأوطار:285/ 4ومابعدها).
قال ابن قدامة: وهذه أحاديث صحاح، وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب؛ لأن الصوم والدعاء والاستغفار عبادات بدنية، وقد أوصل الله نفعها إلى الميت، فكذلك ما سواها.
ب ـ اختلف العلماء في وصول ثواب العبادات البدنية المحضة كالصلاة وتلاوة القرآن إلى غير فاعلها على رأيين: رأي الحنفية والحنابلة ومتأخري الشافعية والمالكية بوصول القراءة للميت إذا كان بحضرته، أو دعا له عقبها، ولو غائباً؛ لأن محل القراءة تنزل فيه الرحمة والبركة، والدعاء عقبها أرجى للقبول.
ورأي متقدمي المالكية والمشهور عند الشافعية الأوائل: عدم وصول ثواب العبادات المحضة لغير فاعلها.
قال الحنفية: المختار عدم كراهة إجلاس القارئين ليقرؤوا عند القبر، وقالوا في باب الحج عن الغير: للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره: صلاة كان عمله، أو صوماً أو صدقة أوغيرها، وأن ذلك لا ينقص من أجره شيئاً.
وقال الحنابلة: لا بأس بالقراءة عند القبر، للحديث المتقدم:«من دخل المقابر، فقرأ سورة يس، خفف عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات» وحديث «من زار قبر والديه، فقرأ عنده أو عندهما يس، غفر له» (1).
وقال المالكية: تكره القراءة على الميت بعد موته وعلى قبره؛ لأنه ليس من عمل السلف، لكن المتأخرون على أنه لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل ثوابه للميت، ويحصل له الأجر إن شاء الله.
وقال متقدمو الشافعية: المشهور أنه لا ينفغ الميت ثواب غير عمله، كالصلاة
(1) كلاهما ضعيف، والأول أضعف من الثاني، كما أشار السيوطي في جامعه.