الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً ـ حمل الجنازة وكيفيته:
حمل الجنازة فرض كفاية بلا خلاف، وهو بر وطاعة وإكرام للميت. وقال الشافعية: لا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر، لأنه عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود ـ أمر علياً رضي الله عنه أن يواري أبا طالب.
وقالوا أيضاً: يحرم حمل الجنازة على هيئة مزرية كحمله في قفة أو غِرارة (جوالق) ونحو ذلك، ويحمل على سرير أو لوح أو محمل، ولا خلاف في أنه لا يحمل الجنازة إلا الرجال، سواء أكان الميت ذكراً أم أنثى؛ لأن النساء يضعفن عن الحمل، وربما انكشف منهن شيء لو حملن.
وللفقهاء آراء ثلاثة في كيفية حمل الميت: التربيع عند الحنفية والحنابلة، وما بين العمودين عند الشافعية، وعدم ترتيب وضع معين على المشهور عند المالكية (1).
أما الحنفية والحنابلة فقالوا: يوضع الميت على النعش بعد أن يغسل ويكفن، مستلقياً على ظهره؛ لأنه أمكن، ويسن أن يحمله أربع؛ لأنه يسن التربيع في حمله، والتربيع أفضل من الحمل بين العمودين، لحديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، قال:«من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها، فإنها من السنة، ثم إن شاء فليطَّوَعْ، وإن شاء فليدع» (2).
(1) الدر المختار:833/ 1، فتح القدير:467/ 1،469،الكتاب مع اللباب:133/ 1 وما بعدها، مراقي الفلاح: ص100، القوانين الفقهية: ص96، الشرح الصغير:565/ 1، المهذب:135/ 1، كشاف القناع:146/ 2 ومابعدها، المجموع:233/ 5، المغني:478/ 2، مغني المحتاج:359/ 1.
(2)
رواه سعيد بن منصور وابن ماجه، وإسناده ثقات، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.
وصفة التربيع: أن يضع النعش اليسرى على كتفه اليمنى، ثم ينتقل إلى قائمة السرير المؤخرة، فيضعها على كتفه اليمنى أيضاً، ثم يدعها لغيره، ثم يضع قائمته اليمنى على كتفه اليسرى، ثم يدعها لغيره، وينتقل إلى قائمة السرير اليمنى، فيضعها على كتفه اليسرى. فتكون البداءة من الجانبين بالرأس، والختام من الجانبين بالرجلين، لما فيها من الموافقة لكيفية غسله.
ويمشي في كل مرة عشر خطوات، لحديث:«من حمل جنازة أربعين خطوة، كفرت عنه أربعين كبيرة» (1).
وإن حمل الميت بين العمودين وهما القائمتان، كل عمود على عاتق رجل كره عند الحنفية، وكان حسناً، ولم يكره عند الحنابلة، لرواية ابن منصور، ولأنه صلى الله عليه وسلم «حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين» (2)، وروي عن عثمان وابن الزبير وابن عمر وأبي هريرة «أنهم فعلوا ذلك» (3).
وقال الشافعية: الحمل بين العمودين أفضل من التربيع، وهو أن يجعل الحامل رأسه بين عمودي مقدمة النعش، ويجعلهما على كاهله.
ويجوز الحمل من الجوانب الأربعة، لكن الأول أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين، ولفعل الصحابة المذكورين.
وقال المالكية: ليس في حمل الجنازة ترتيب معين على المشهور، فيجوز البدء في حمل السرير بأي ناحية بلا تعيين، قال خليل: والمعين مبتدع؛ لأنه عين ما لا أصل له في الشرع، ويجوز أن يحمل النعش اثنان أو ثلاثة أو أربعة.
(1) ذكره الزيلعي والكاساني في البدائع. وذكر ابن عباس عن واثلة: «من حمل بجوانب السرير الأربع، غفر له أربعون كبيرة» وهو ضعيف.
(2)
ذكره الشافعي في المختصر والبيهقي في كتاب المعرفة، وأشار إلى تضعيفه.
(3)
رواها الشافعي والبيهقي بأسانيد ضعيفة إلا أثر سعد فصحيح.