الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عبادة بن الصامت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد، فمر حَبْر (عالم) من اليهود، فقال: هكذا نفعل، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اجلسوا خالفوهم» (1)، وصرح المالكية بكراهة القيام للجنازة؛ لأنه ليس من عمل السلف.
7 - عدم جلوس المشيعين حتى توضع الجنازة:
المستحب لمن يتبع الجنازة ألا يجلس حتى توضع عن أعناق الرجال؛ لأنه قد تقع الحاجة إلى التعاون، والقيام أمكن منه (2)، ولحديث:«إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها، فمن اتَّبعها فلا يجلس حتى توضع» (3) أي في الأرض، كما في رواية أبي داود.
ولا مانع ولا كراهة من تشييع المسلم جنازة قريبه الكافر.
رابعاً ـ مكروهات الجنازة:
ذكر الفقهاء طائفة من مكروهات الجنازة، أهمها ما يأتي (4):
1 -
تأخير الصلاة والدفن، لزيادة المصلين أو ليصلي عليه جمع عظيم بعد صلاة الجمعة، إلا إذا خيف فوتها بسبب دفنه، للخبر الصحيح:«أسرعوا بالجنازة» ولا بأس بانتظار الولي عن قرب ما لم يخش تغير الميت، وقال المالكية: ويكره
(1) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي، وإسناده ضعيف.
(2)
فتح القدير:469/ 1، المغني:480/ 2، المهذب:136/ 1.
(3)
رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري (نيل الأوطار:74/ 4).
(4)
الدر المختار:833/ 1 - 835، الكتاب مع اللباب:134/ 1، فتح القدير:469/ 1، الشرح الصغير:566/ 1،568 - 574، المهذب:136/ 1، المجموع:237/ 5 - 240، مغني المحتاج:359/ 1 ومابعدها، المغني:475/ 2 - 477،480، كشاف القناع:149/ 2 ومابعدها، الشرح الكبير:421/ 1 - 424.
للمشيعين الانصراف عن الجنازة بلا صلاة عليها ولو بإذن أهلها، والانصراف بعد الصلاة بلا إذن من أهلها إن لم يطولوا، فإن أذنوا أو طولوا جاز الانصراف.
2 -
الجلوس قبل وضع الجنازة على الأرض، والقيام بعده. ولايقوم أحد في المصلى إذا رأى الجنازة، ولا من مرت عليه، كما بينت في البحث السابق.
3 -
الركوب: السنة ألا يركب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «ما ركب في عيد، ولاجنازة» (1) وقال ثوبان: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأى ناساً رُكباناً، فقال: ألا تستحيون، إن ملائكة الله على أقدامهم، وأنتم على ظهور الدواب» (2).
أما الركوب في الرجوع فلا بأس به، لحديث جابر بن سمرة أن «النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بفرس مُعْرَوْر (أي عريان)، فركبه حين انصرفنا من جنازة ابن الدحداح، ونحن نمشي حوله» (3).
4 -
اللَّغَط أي رفع الصوت بذكر أو قراءة والصياح خلف الجنازة، كقول:«استغفروا لها» ونحوه، لما روى البيهقي أن الصحابة كرهوا رفع الصوت عند الجنائز عند القتال وعند الذكر، وسمع ابن عمر قائلاً يقول:«استغفروا له غفر الله لكم، فقال: لا غفر الله لك» (4) وكره الحسن وغيره قولهم: «استغفروا لأخيكم» .
والصواب ما كان عليه السلف من السكوت في حال السير مع الجنازة والاشتغال بالتفكر في الموت وما يتعلق به، كما أبنت. وما يفعله جهلة القراء بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه، فحرام يجب إنكاره.
(1) قال النووي: غريب (المجموع:237/ 5).
(2)
رواه ابن ماجه والترمذي (نيل الأوطار:72/ 4).
(3)
رواه أحمد ومسلم والنسائي، وروى أبو داود عن ثوبان مثله (نيل الأوطار:72/ 4).
(4)
رواه سعيد بن منصور في سننه.
5 -
اتباع الجنازة بنار في مجمرة بخور أو غيرها، لما فيه من التشاؤم القبيح بأنه من أهل النار، ولخبر أبي داود:«لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار» .
ويكره أيضاً اتباعها بنائحة وتزجر، لما روى عمرو بن العاص قال:«إذا أنا مت، فلا تصحبني نار ولا نائحة» (1) وعن أبي موسى رضي الله عنه أنه وصى: لاتتبعوني بصارخة ولا بمجمرة، ولا تجعلوا بيني وبين الأرض شيئاً (2). ويكره اجتماع نساء لبكاء سراً، ومنع جهراً، كالقول القبيح مطلقاً.
6 -
اتباع النساء الجنائز، الكراهةعند الجمهور تنزيهية، لما روي عن أم عطية قالت:«نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» (3) أي أنه نهي تنزيه، وعند الحنفية الكراهة تحريمية، لحديث «ارجعن مأزورات غير مأجورات» (4) ويعضده المعنى الحادث باختلاف الزمان الذي أشارت إليه عائشة بقولها:«لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء بعده، لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل» .
وأجاز المالكية خروج امرأة متجالَّة: عجوز لا أرب للرجل فيها، أو شابة لم يخش فتنتها في جنازة من عظُمت مصيبته عليها كأب وأم وزوج وابن وبنت وأخ وأخت. وحرم على مخشيَّة الفتنة مطلقاً. وخروج الزوجة المتجالة وغير مخشية الفتنة مستثنى من أحكام العدة والإحداد.
7 -
قال المالكية: يكره تكبير نعش لميت صغير، لما فيه من المباهاة والنفاق، ويكره فرش النعش بحرير أو خز، أي منسوج من الصوف والحرير.
(1) رواه مسلم في صحيحه في جملة حديث طويل فيه أحكام كثيرة في كتاب الإيمان.
(2)
رواه البيهقي.
(3)
رواه البخاري ومسلم في الصحيحين.
(4)
رواه ابن ماجه بسند ضعيف، أوله «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج، فإذا نسوة جلوس، قال: ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة، قال: هل تغسلن؟ قلن: لا، قال: هل تحملن؟ قلن: لا، قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا، قال: فارجعن
…
».