الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحديث المرفوع أنه يقرأ في الأولى الفاتحة مرة وآية الكرسي ثلاثاً، وفي كل من الثلاثة الباقية: يقرأ الفاتحة والإخلاص والمعوذتين مرة مرة، فإن قرأهن كن له مثلهن من ليلة القدر.
وأخرج الترمذي عند عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم، فليتوضأ وليُحسن الوضوء، وليصلّ ركعتين، ثم ليُثن على الله، وليُصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك مُوجِبات رحمتك، وعزائمَ مغفرتك، والغنيمة من كل برّ، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همَّاً إلا فرَّجته (1)، ولا حاجة هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين» (2).
أحكام فرعية لصلاة النافلة
(3):
أـ كيفية أداء نوافل النهار والليل: إن شاء صلى في النهار ركعتين بتسليمة واحدة، وإن شاء أربعاً، وتكره الزيادة على ذلك (أي على الأربع من غير تسليمة). أما نوافل الليل، فقال أبو حنيفة: إن صلى ثماني ركعات بتسليمة واحدة جاز، وتكره الزيادة على ذلك (أي على الثمانية من غير تسليمة) والأفضل عنده رباع أي أربعاً أربعاً ليلاً ونهاراً.
(1) ثم ليثن: أي يحمده ويكثر من تسبيحه وتكبيره، والصلاة على حبيبه صلى الله عليه وسلم، ويستغفر مئات، وموجبات رحمتك: موصلات باعثة إلى الجنة. وعزائم مغفرتك: أي الأسباب التي يعزم له بها الغفران ويحققه. والغنيمة: الفوز. والسلامة: النجاة من كل ذنب. فرجته: أزلته.
(2)
رواه الترمذي وابن ماجه (الترغيب والترهيب:476/ 1).
(3)
فتح القدير:318/ 1 - 332، اللباب شرح الكتاب:92/ 1 - 94، الدر المختار:644/ 1 - 658، مراقي الفلاح: ص 65،67 وما بعدها.
وقال أبو يوسف ومحمد: لا يزيد ـ من حيث الأفضلية ـ بالليل على ركعتين بتسليمة واحدة، والأفضل في الليل مثنى مثنى، وفي النهار: أربع أربع. وبرأي الصاحبين يفتى عند الحنفية اتباعاً للحديث.
دليل أبي حنيفة: الحديث السابق عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلى أربعاً بعد العشاء، وأنه عليه السلام كان يواظب على الأربع في الضحى، ولأنه أدوم تحريمة، فيكون أكثر مشقة وأزيد فضيلة. ودليل الكراهة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على ثمان ركعات، ولولا الكراهة لزاد، تعليماً للجواز.
ودليل الصاحبين: الاعتبار بالتراويح، كل ركعتين بتسليمة واحدة.
ب ـ القراءة واجبة في جميع ركعات النفل، وفي جميع الوتر؛ أما النفل فلأن كل شفع منه صلاة على حدة، والقيام إلى الثالثة كتحريمة مبتدأة، ولهذا لا يجب بالتحريمة الأولى إلا ركعتان على المشهور، وأما الوتر فللاحتياط.
أما القراءة في الفرض فهي ـ كما بينا ـ واجبة في الركعتين الأوليين فقط، والمصلي مخير في الأخريين: إن شاء قرأ الفاتحة، وإن شاء سكت مقدار ثلاث تسبيحات وإن شاء سبَّح ثلاثاً، وهو المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة رضي الله عنهم، إلا أن الأفضل أن يقرأ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام داوم على ذلك، ولهذا لايجب السهو بترك القراءة في ظاهر الرواية.
وبناء على ما ذكر في النفل: إن صلى أربعاً، ولم يقرأ فيهن شيئاً أعاد عند أبي حنيفة ومحمد؛ لأن ترك القراءة في الأوليين يوجب بطلان التحريمة: وعند أبي يوسف: يقضي أربعاً؛ لأن ترك القراءة في الشفع الأول لا يوجب بطلان التحريمة، وإنما يوجب فساد الأداء؛ لأن القراءة ركن زائد، وفساد الأداء لا يزيد على تركه، فلا يبطل التحريمة.
جـ ـ الشروع في النفل صلاة أو صوماً ملزم عند الحنفية، خلافاً للشافعي فإنه قال: المتنفل متبرع فيه أي في فعل النفل، ولا لزوم على المتبرع لقوله تعالى:{ما على المحسنين من سبيل} [التوبة:91/ 9] فالسنن لا تلزم بالشروع عند الشافعية، إلا في الحج والعمرة، أو فرض كفاية على الصحيح، فتلزم في الجهاد وصلاة الجنازة والحج والعمرة (1). ودليل الحنفية قوله تعالى:{ولا تبطلوا أعمالكم} [سورة سيدنا محمد:33/ 47] فيحرم قطع الصلاة وغيرها.
فيلزم النفل عندهم بالشروع في تكبيرة الإحرام، أو بالقيام للركعة الثالثة وقد أدى الشفع الأول صحيحاً، فإذا فسد الثاني لزم قضاؤه فقط، ولا يسري إلى الأول؛ لأن كل شفع صلاة على حدة.
وبناء عليه: من دخل في صلاة النفل، ثم أفسدها، قضاها. وإن صلى أربع ركعات، وقعد في الأوليين، ثم أفسد الأخريين قضى ركعتين.
ويستثنى من ذلك ما لو شرع متنفلاً خلف مفترض ثم قطعه، أو شرع في فرض ظاناً أنه عليه، ثم تذكر أنه ليس عليه، فلا قضاء عليه.
د ـ يقتصر المتنفل في الجلوس الأول من الرباعية المؤكدة (وهي التي قبل الظهر والجمعة وبعدها) على التشهد، ولا يأتي في الثالثة بدعاء الاستفتاح على الأصح. أما الرباعية المندوبة (غير المؤكدة)، فإنه يقرأ في القعود الأول التشهد والصلاة الإبراهيمية ويأتي بالاستفتاح والتعوذ في ابتداء الثالثة، أي في ابتداء كل شفع من النافلة.
هـ ـ إذا صلى نافلة أكثر من ركعتين، ولم يجلس إلا في آخرها، صح
(1) مغني المحتاج:259/ 1.
استسحاناً؛ لأنها صارت صلاة واحدة من ذوات الأربع، وفيها الفرض وهو الجلوس الأخير، ويجبر ترك القعود الأول ساهياً بالسجود، ويجب العود إليه بتذكره بعد القيام ما لم يسجد.
وـ صلاة النفل قاعداً أو راكباً: يجوز ـ كما بينا في بحث القيام في الصلاة ـ النفل قاعداً مع القدرة على القيام، لكن له نصف أجر القائم إلا لعذر، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد» (1). وأجاز الشافعية في الأصح التنفل مضطجعاً، مطلقاً وأباحه بقية المذاهب لعذر.
وكيفية القعود في النفل كالمتشهد، على المختار وعليه الفتوى عند الحنفية والشافعية، ويندب التربع عند المالكية والحنابلة. ويجوز للقادر على القيام إتمام نفله قاعداً، بعد افتتاحه قائماً، بلا كراهة على الأصح.
ويصح أداء النوافل ولو كانت مؤكدة كسنة الفجر (2) على الراحلة راكباً خارج البلاد، ويومئ إلى الركوع والسجود، إلى أية جهة توجهت دابته، للحاجة، وإذا نزل عن الدابة أتم صلاته. ولا يشترط عجزه عن إيقافها لتكبيرة الإحرام في ظاهر الرواية. وإذا حرك رجله أو ضرب دابته، فلا بأس به، إذا لم يصنع شيئاً كثيراً.
ودليل التنفل على الراحلة: حديث جابر المتقدم: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي النوافل على راحلته، يومئ إيماء، ولكنه يخفض السجدتين من الركعتين» (3).
(1) أخرجه الجماعة إلا مسلماً عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
(2)
لكن الأولى أن ينزل لسنة الفجر: لأنها آكد من غيرها.
(3)
رواه ابن حبان في صحيحه.
والصلاة في المحمل على الدابة كالصلاة عليها، سواء أكانت سائرة أم واقفة، إلا إذا استقر المحمل على الأرض، فتصح الصلاة فيه ولو فرضاً.
ولا يمنع صحة الصلاة على الدابة نجاسةٌ عليها، ولو كانت في السرج والركابين على الأصح. ولا تصح صلاة الماشي اتفاقاً.
ويجوز للمتطوع الاتكاء على شيء إن تعب، بلا كراهة، وإن كان بغير عذر كره في الأظهر، لإساءة الأدب.
ز ـ صلاة الفرض والواجب على الدابة: ولا يصح على الدابة صلاة الفرائض والواجبات، كالوتر والمنذورة، وقضاء ما شرع فيه نفلاً فأفسده، ولا صلاة الجنازة، أو سجدة تليت آيتها على الأرض، إلا للضرورة أو العذر، كخوف لص أو سبع على نفسه أو دابته، أو ثيابه، لو نزل، أو وجود طين ومطر في المكان، أو لعجز لمرض أو كسر ولم يوجد من يركبه.
ح ـ الصلاة في السفينة، ومثلها الطائرة والسيارة: تجوز صلاة الفريضة في السفينة والطائرة والسيارة قاعداً، ولو بلا عذر عند أبي حنيفة، ولكن بشرط الركوع والسجود.
وقال الصاحبان: لا تصح إلا لعذر، وهو الأظهر. والعذر كدوران الرأس، وعدم القدرة على الخروج.
ويشترط التوجه للقبلة في بدء الصلاة، ويستدير إليها كلما استدارت السفينة، ولو ترك الاستقبال لا تجزئه الصلاة، وإن عجز عن الاستقبال يمسك عن الصلاة حتى يقدر على الإتمام مستقبلاً.
والسفينة المربوطة في لجة أو عرض البحر التي تحركها الريح الشديدة كالسائرة، فإن لم تحركها فهي كالواقفة على الأصح.