الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً ـ قنوت الوتر أو الصبح:
قال الحنفية
(1): يقنت المصلي في صلاة الوتر، فيكبر بعد الانتهاء من القراءة، ويرفع يديه كرفعه عند الافتتاح، ثم يضعهما تحت سرته، ثم يقنت، ثم يركع، ولا يقنت في صلاة غير الوتر إلا لنازلة في الصلاة الجهرية، وأما قنوت النبيصلّى الله عليه وسلم في الفجر شهراً فهو منسوخ بالإجماع، لما روى ابن مسعود: أنه عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهراً ثم تركه (2).
وحكمه عندهم: أنه واجب عند أبي حنيفة، سنة عند الصاحبين، كالخلاف الآتي في الوتر.
ومحل أدائه: الوتر في جميع السنة قبل الركوع من الركعة الثالثة، بدليل ماروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وهم (عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب) أن قنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في الوتر قبل الركوع (3).
ومقداره كمقدار: إذا السماء انشقت، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في القنوت: اللهم إنا نستعينك، أو اللهم اهدنا فيمن هديت الخ، وكلاهما على مقدار هذه السورة.
(1) البدائع:273/ 1 ومابعدها، اللباب:78/ 1 ومابعدها، فتح القدير:309/ 1 ومابعدها، الدر المختار:626/ 1 - 628.
(2)
رواه البزار والطبراني وابن أبي شيبة والطحاوي (نصب الراية:127/ 2) وروى أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي مالك الأشجعي أن أباه صلى خلف الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فلم يقنت واحد منهم. وروى أحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً ثم تركه. وروى البخاري عن أنس:«كان القنوت في المغرب والفجر» وروى أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على مضر، حتى أنزل الله تعالى:{ليس لك من الأمر شيء} [آل عمران:128/ 3]، وروى أحمد ومسلم والترمذي وصححه عن البراء بن عازب:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة المغرب والفجر» (نيل الأوطار:338/ 2 - 344).
(3)
نصب الراية:123/ 2 ومابعدها.
وصيغة الدعاء المفضلة عندهم وعند المالكية: (اللهم إنا نستعينك ونستهديك، ونستغفرك ونتوب إليك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلَع ونترك من يفجُرُك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفِد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلحق)(1) وهوالدعاء المشهور لابن عمر، ولا مانع من صحة نسبته لكل من عمر وابنه.
وذلك بدليل ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن خالد بن أبي عمران، قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر، إذ جاءه جبريل، فأومأ إليه أن اسكت، فسكت، فقال: يا محمد، إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعَّاناً، وإنما بعثك رحمة للعالمين، ليس لك من الأمر شيء، ثم علّمه القنوت: اللهم إنا نستعينك
…
إلخ» (2) ولأن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على هذا القنوت، فالأولى أن يقرأه. ولو قرأ غيره جاز، ولو قرأ معه غيره، كان حسناً. والأولى أن يقرأه بعدما علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما في قنوته: اللهم اهدنا فيمن هديت
…
إلى آخره (3). ثم بعده يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وآله، على المفتى به، فيقول:«وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم» .
ومن لا يحسنه بالعربية أو لا يحفظه، إما أن يقول: يا رب أو اللهم اغفر لي ثلاثاً أو {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار} [البقرة:201/ 2]، والآية الأخيرة أفضل.
(1) معنى: (نخلع) نلقي ونترك، ونحفد: أي نبادر ونسرع في تحصيل عبادتك بنشاط، كالمشي إلى المسجد، والجد: الحق، أي ضد الهزل، وملحق أي لاحق بهم، أو ملحق بهم، بكسر الحاء وفتحها، والكسر أفصح.
(2)
نصب الراية:135/ 2 ومابعدها.
(3)
رواه الترمذي وأبو داود (المجموع: 477/ 2).