الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ـ صلاة الجمعة
فرضيتها ومنزلتها، وفضل السعي إليها وحكمتها، ومن تجب عليه، كيفيتها ومقدارها، شروط صحتها، سنن الخطبة ومكروهاتها، سنن الجمعة ومكروهاتها، مفسدات الخطبة، صلاة الظهر يوم الجمعة، ففي هذا المبحث تسعة مطالب.
وسميت جمعة لاجتماع الناس لها، وقيل: لما جمع في يومها من الخير، وقيل: لأن خلق آدم جمع فيه، أو لاجتماعه فيه مع حواء في الأرض. واسمها القديم في الجاهلية يوم العروبة: أي المبين المعظم، وقيل: يوم الرحمة.
المطلب الأول ـ فرضية الجمعة ومنزلتها:
صلاة الجمعة فرض عين (1)، يكفر جاحدها لثبوتها بالدليل القطعي، وهي فرض مستقل ليست بدلاً عن الظهر، لعدم انعقادها بنية الظهر ممن لا تجب الجمعة عليه كالمسافر والمرأة، وهي آكد من الظهر، بل هي أفضل الصلوات، ويومها أفضل الأيام، وخير يوم طلعت فيه الشمس، يعتق الله فيه ست مئة ألف عتيق من النار، من مات فيه كتب الله له أجر شهيد، ووقي فتنة القبر، ودليل فضل يومها حديث مرفوع: «يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها، وأعظم عند الله من يوم الفطر، ويوم الأضحى (2).
(1) الدر المختار:747/ 1، الشرح الصغير:493/ 1، مغني المحتاج:276/ 1، المغني:294/ 2 ومابعدها، كشاف القناع:21/ 2.
(2)
ذكره البيهقي في فضائل الأوقات من حديث أبي لبانة بن عبد المنذر.
وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة وقال: حسن صحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه دخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة» .
وأدلة فرضيتها العينية المستقلة، لا الكفائية: القرآن: وهو قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله، وذروا البيع} [الجمعة:9/ 62] أي امضوا إلى ذكر الله، فأمر بالسعي، والأمر يقتضي الوجوب، ولا يجب السعي إلا إلى واجب، ونهى عن البيع لئلا يشتغل به عنها، فلو لم تكن واجبة لما نهي عن البيع من أجلها، والمراد بالسعي ههنا: الذهاب إليها، لا الإسراع.
والسنة: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن وَدْعهم الجُمعات، أو ليختِمَنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين» (1) وقوله: «رواح الجمعة واجب على كل محتلم» (2) وقوله عليه السلام أيضاً: «من ترك الجمعة ثلاث جمع تهاوناً، طبع الله على قلبه» (3).
وتاركها يستحق العقاب، لقوله صلى الله عليه وسلم لقوم يتخلفون عن الجمعة:«لقد هممت أن آمُر رجلاً يُصلّي بالناس، ثم أحّرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم» (4).
(1) رواه مسلم عن أبي هريرة، ورواه أحمد والنسائي من حديث ابن عمر وابن عباس (نيل الأوطار:221/ 3).
(2)
رواه النسائي عن حفصة رضي الله عنها، ورواه أبو داود عن طارق بن شهاب بلفظ «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض» (نيل الأوطار:226/ 3).
(3)
رواه الخمسة عن أبي الجَعْد الضَّمْري، وله صحبة وصححه الحاكم، ولأحمد وابن ماجه من حديث جابر نحوه (نيل الأوطار:221/ 3).
(4)
رواه أحمد ومسلم عن ابن مسعود (نيل الأوطار:221/ 3).