الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والركوع، والسجود، والقَعْدة الأخيرة مقدار التشهد. هذا ما ذكره القدوري وهو رأي محمد، إلا أن المعتمد عندهم أن تكبيرة الإحرام شرط عندهم كالنية وهو رأي أبي حنيفة وأبي يوسف، خلافاً لجمهور الفقهاء.
واجبات الصلاة:
واجبات الصلاة ثمانية عشر، والواجب عندهم ما ثبت بدليل فيه شبهة، وحكمه: استحقاق العقاب بتركه عمداً، لكن لا تفسد الصلاة بتركه، ويلزم سجود السهو لنقص الصلاة بترك الواجب سهواً، ويجب إعادة الصلاة بترك الواجب عمداً، أو سهواً إن لم يسجد سجود السهو له. وإن لم يعدها، يكون فاسقاً آثماً، كما هو الحكم في كل صلاة أديت مع كراهة التحريم.
وهذه الواجبات هي ما يأتي:
1 ً - افتتاح الصلاة بلفظ (الله أكبر) لا في صلاة العيدين فقط.
2 ً - قراءة الفاتحة: لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (1) وهذا عندهم لنفي الكمال؛ لأنه خبر آحاد، لا ينسخ قوله تعالى:{فاقرؤوا ما تيسر من القرآن} [المزمل:20/ 73]، فوجب العمل به. ويسجد للسهو بترك أكثرها، لا أقلها؛ لأن الواجب عند أبي حنيفة وأبي يوسف أكثرها، لا كلها.
وقال الجمهور (غير الحنفية): إن قراءة الفاتحة ركن في كل ركعة من ركعات الصلاة. إلا أن الشافعية قالوا: هي ركن مطلقاً، وقال المالكية: هي فرض لغير المأموم في صلاة جهرية.
3 ً - قراءة سور ة بعد الفاتحة: يجب قراءة سورة قصيرة كالكوثر ونحوها،
(1) رواه الأئمة الستة في كتبهم عن عبادة بن الصامت (نصب الراية:365/ 1).
وهو ثلاث آيات قصار، تقدر بثلاثين حرفاً، كقوله تعالى:{ثم نظر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر} [المدثر:21/ 47 - 22 - 23] أو آية طويلة أو آيتان بمقدار ثلاثين حرفاً.
ودليلهم على الوجوب: حديث أبي سعيد الخدري: «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر» (1) والأمر للوجوب.
وقال الجمهور: تسن قراءة سورة أو آيات بعد الفاتحة، لقول أبي هريرة:«في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير» (2).
4 ً - يجب قراءة السورة في الركعتين الأوليين من الفرض على المذهب، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على القراءة فيهما. ولا يكره تحريماً بل تنزيهاً في الركعتين الأخريين (الثالثة والرابعة) على المختار. ولو ترك السورة في ركعة أو ركعتين من أوليي المغرب أو العشاء، وجب قراءتها في الأصح في أخرى العشاء، وثالثة المغرب مع الفاتحة جهراً بهما على الأصح، ويقدم الفاتحة، ثم يقرأ السورة. ولو ترك الفاتحة لا يكررها في الأخريين. وتجب أيضاً في جميع ركعات الوتر لمشابهته السنة، وفي جميع ركعات النافلة؛ لأن كل شفع (أي ركعتين) من النافلة صلاة على حدة، ولحديث أبي سعيد المتقدم بلفظ «لا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب، وسورة في فريضة أو غيرها» (3).
(1) رواه أبو داود وابن حبان وأحمد وأبو يعلى الموصلي، رفعه بعضهم ووقفه بعضهم (نصب الراية:364/ 1).
(2)
حديث موقوف رواه الشيخان (البخاري ومسلم) عن أبي هريرة (نصب الراية: 365/ 1).
(3)
حديث ضعيف رواه ابن عدي في الكامل (نصب الراية: 363/ 1).
5 ً - تقديم الفاتحة على قراءة السورة، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. فلو بدأ بالسورة قبل الفاتحة سهواً، ثم تذكر، قطع القراءة، وقرأ الفاتحة، ثم السورة، ويسجد للسهو، كما لو كرر الفاتحة ثم قرأ السورة، لتأخير الابتداء بالفاتحة في الحالة الأولى، ولتأخير القراءة في الحالة الثانية.
ولو تذكر الفاتحة قبل الركوع، قرأها، ثم قرأ سورة، وسجد للسهو.
6 ً - ضم الأنف للجبهة في السجود، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه. ولا تجوز الصلاة بالاقتصار على الأنف في السجود، على الصحيح.
7 ً - مراعاة الترتيب فيما شرع مكرراً من الأفعال في الصلاة وهو السجدة الثانية: والأدق أن يقال: رعاية الترتيب بين القراءة والركوع، وفيما يتكرر في كل ركعة، فيأتي بالسجدة الثانية قبل الانتقال لغيرها من أفعال الصلاة، بدليل المواظبة منه صلى الله عليه وسلم على مراعاة الترتيب. ومعنى كون الترتيب فيما يتكرر في كل ركعة واجباً: أن الصلاة بعد إعادة ما قدمه لا تفسد بترك الترتيب صورة، الحاصل بزيادة ما قدمه.
فلو نسي سجدة من الركعة الأولى (1)، قضاها، ولو بعد القعود الأخير، أو بعد السلام قبل الكلام، ثم يعيد التشهد والقعود، ويسجد للسهو بعد التسليمة الأولى، ثم يتشهد.
أما ما لا يتكرر في كل ركعة أو في كل الصلاة ماعدا القراءة كترتيب القيام والركوع والسجود الأول والقعود الأخير، فإن الترتيب فيه فرض، وعلى هذا فترتيب القيام على الركوع، والركوع على السجود فرض. فلو ركع قبل القراءة
(1) سواء أكانت السجدة صُلْبية أي من صلب الصلاة، أو تلاوية وهي السجدة التي تجب بسبب تلاوة آية من آيات السجود.
صح ركوعه، لأنه لا يشترط في الركوع أن يكون مترتباً على قراءة في كل ركعة. بخلاف الترتيب بين الركوع والسجود مثلاً، فإنه فرض، فلو سجد قبل الركوع لم يصح سجود هذه الركعة؛ لأن أصل السجود يشترط ترتبه على الركوع في كل ركعة، كترتيب الركوع على القيام.
8 ً - الاطمئنان في الأركان: بتسكين الجوارح في الركوع والسجود ونحوهما من الرفع والاعتدال، حتى تطمئن مفاصله قدر تسبيحة في الركوع والسجود والرفع منهما، ويستقر كل عضو في محله، لمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك كله، ولحديث المسيء صلاته، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له:«ارجع فصلّ، فإنك لم تصلِّ» ثم علمه كيفية الطمأنينة: «إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها» (1).
9 ً - القعود الأول في صلاة ثلاثية أو رباعية: لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وسجوده للسهو لما تركه وقام ساهياً (2). ويجب ترك الزيادة فيه كما يجب ترك الزيادة في كلمات التشهد، أو بعد تمام التشهد.
10 ً- قراءة التشهد في القعود الأول، في الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قعدتم في كل ركعتين، فقولوا: التحيات لله
…
» (3) والأمر للوجوب.
وقال غير الحنفية عن هذين الأمرين: إنهما سنة؛ لأن عدم تداركه من النبي يدل على عدم وجوبه.
(1) متفق عليه عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 264/ 2).
(2)
رواه الجماعة عن عبد الله بن بُحَيْنَة (نيل الأوطار: 273/ 2).
(3)
رواه أحمد والنسائي عن ابن مسعود (نيل الأوطار:271/ 2).
11 ً - قراءة التشهد في الجلوس الأخير، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه. أما الجلوس الأخير فهو فريضة. ويسجد للسهو بترك بعض أو كل من التشهدين: الأول والأخير.
12 ً - القيام إلى الركعة الثالثة من غير تراخ بعد قراءة التشهد الأول: فلو زاد عليه بمقدار أداء ركن ساهياً، وأقل الزيادة المفوتة للواجب عن التشهد الأول مقدار (اللهم صل على محمد) فقط على المذهب، سجد للسهو، لتأخير واجب القيام للثالثة.
13 ً - لفظ (السلام) دون (عليكم) مرتين في آخر الصلاة، عن اليمين واليسار، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأما (عليكم ورحمة الله) فهو سنة. وكل من التسليمة الأولى، والثانية واجب في الأصح، فلو فرغ المقتدي قبل فراغ الإمام، فتكلم أو أكل، فصلاته تامة.
وليس السلام فرضاً، لحديث ابن مسعود:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، حتى يُرى بياض خدِّه» (1) وهو يدل على مشروعية التسليمتين. وقال غير الحنفية: السلام للخروج من الصلاة فرض.
14 ً - جهر (2) الإمام بالقراءة في ركعتي الفجر والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، ولو قضاء، وفي صلاة الجمعة والعيدين، والتراويح، والوتر في رمضان، لفعله ومواظبته صلى الله عليه وسلم.
أما المنفرد: فهو مخير بين الجهر والإسرار، والأفضل الجهر، ليكون الأداء على هيئة الجماعة.
(1) رواه الخمسة وصححه الترمذي، وأخرجه أيضاً الدارقطني وابن حبان، وله ألفاظ، وأصله في صحيح مسلم (نيل الأوطار:292/ 2).
(2)
الجهر: إسماع الغير ولو واحداً، والإسرار: إسماع النفس، في الصحيح.