الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثناء صلاة الإمام الراتب، ولا تصح الصلاة في كلتا الحالتين. وعلى هذا فلا يحرم ولا تكره الجماعة بإذن الإمام الراتب؛ لأنه مع الإذن يكون المأذون نائباً عن الراتب، ولا تحرم ولا تكره أيضاً إذا تأخر الإمام الراتب لعذر، أو ظن عدم حضوره، أو ظن حضوره ولم يكن يكره أن يصلي غيره في حال غيبته.
ولا يكره تكرار الجماعة بإمامة غير الراتب بعد انتهاء الإمام الراتب، إلا في مسجدي مكة والمدينة فقط، فإنه تكره إعادة الجماعة فيهما، رغبة في توفير الجماعة، أي لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الراتب في المسجدين إذا أمكنهم الصلاة في جماعة أخرى، وذلك إلا لعذر كنوم ونحوه عن الجماعة، فلا يكره لمن فاتته إعادتها بالمسجدين.
ويكره تعدد الأئمة الراتبين بالمسجدين المذكورين، لفوات فضيلة أول الوقت لمن يتأخر، وفوات كثرة الجمع، وإن اختلفت المذاهب.
ويكره للإمام إعادة الصلاة مرتين، بأن يؤم بالناس مرتين في صلاة واحدة، بأن ينوي بالثانية عن فائتة أو غيرها، وبالأولى فرض الوقت. والأئمة متفقون على أنه بدعة مكروهة.
عاشراً ـ إعادة المنفرد الصلاة جماعة:
اتفق الفقهاء على أنه يجوز لمن صلى منفرداً أن يعيد الصلاة في جماعة وتكون الثانية نفلاً، عملاً بما ثبت في السنة في حديث يزيد بن الأسود السابق، وفي حديث آخر: أن رجلاً جاء إلى المسجد بعد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فقال:«من يتصدق على هذا، فيصلي معه؟ فصلى معه رجل من القوم» (1).
(1) رواه أحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه، من حديث أبي سعيد الخدري، وإسناده جيد.
ولكن للفقهاء تفصيل في إعادة الصلاة:
قال الحنفية (1): يجوز للمنفرد إعادة الصلاة مع إمام جماعة، وتكون صلاته الثانية نفلاً بدليل حديث يزيد بن الأسود السابق في بحث إدراك الفريضة. والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين في أخريات الصفوف، لم يصليا معه صلاة الظهر:«إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم فإنها لكما نافلة» . وإذا كانت نفلاً، أعطيت حكم النافلة، فتكره إعادة صلاة العصر؛ لأن النفل ممنوع بعد العصر، وتكره صلاة النفل خلف النفل إذا كانت الجماعة أكثر من ثلاثة، وإلا فلا تكره إن أعادوها بدون أذان، وتكره مطقاً إن أعادوها بأذان. وتجوز إذا كان إمامه يصلي فرضاً، لا نفلاً؛ لأن صلاة النافلة خلف الفرض غير مكروهة.
وقال المالكية (2): من صلى في جماعة لم يعد في أخرى إلا إذا دخل أحد المساجد الثلاثة فيندب له الإعادة. ومن صلى منفرداً جازت له الإعادة في جماعة: اثنين فأكثر، لا مع واحد، إلا إذا كان إماماً راتباً بمسجد، فيعيد معه؛ لأن الراتب كالجماعة، ويعيد كل الصلوات غير المغرب، والعشاء بعد الوتر، فتحرم إعادتها لتحصيل فضل الجماعة، أما المغرب فلا تعاد؛ لأنها تصير مع الأول شفعاً؛ لأن المعادة في حكم النفل، والعشاء تعاد قبل الوتر، ولا تعاد بعده؛ لأنه إن أعاد الوتر يلزم مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم:«لا وتران في ليلة» ، وإن لم يعد، لزم مخالفة:«اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً» .
ولكل منفرد إعادة الصلاة إلا من صلى منفرداً في أحد المساجد الثلاثة، فلا يندب له إعادتها جماعة خارجها، ويندب إعادتها جماعة فيها.
(1) فتح القدير:337/ 1.
(2)
بداية المجتهد:137/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص68، الشرح الصغير: 427/ 1 وما بعدها.
ويعيد إذا كان مأموماً، ولا يصح أن يكون إماماً، كما قال الحنفية. وينوي المعيد الفرض، مفوضاً لله تعالى في قبول أي الصلاتين.
وقال الشافعية (1): يسن للمصلي وحده، وكذا للجماعة في الأصح: إعادة الفرض بنية الفرض في الأصح مع منفرد أو جماعة يدركها في الوقت ولو ركعة فيه على الراجح، ولو كان الوقت وقت كراهة، وتكون الإعادة مرة واحدة على الراجح، ولا يندب أن يعيد الصلاة المنذروة ولا صلاة الجنازة، إذ لا يتنفل بها، ويشترط أن تكون الصلاة الثانية صحيحة وإن لم تغن عن القضاء، وألا ينفرد وقت الإحرام بالصلاة الثانية من قيام لقادر، وأن تكون الجماعة مطلوبة في حق من يعيدها، فإن كان عارياً فلا يعيدها في غير ظلام. ويصح أن يكون المعيد إماماً.
وإذا صلى وأعاد مع الجماعة، فالفرض هو الأول في المذهب الجديد، لخبر يزيد بن الأسود السابق، إذ اعتبر النبي فيه الصلاة الثانية نافلة، ولأنه أسقط الفرض بالصلاة الأولى، فوجب أن تكون الثانية نفلاً. وينوي إعادة الصلاة المفروضة، حتى لا تكون نفلاً مبتدءاً.
وقال الحنابلة (2): يستحب لمن صلى فرضه منفرداً أو في جماعة أن يعيد الصلاة إذا أقيمت الجماعة وهو في المسجد، ولو كان وقت الإعادة وقت نهي، سواء أكانت الإعادة مع الإمام الراتب أو غيره، إلا المغرب، فلا تسن إعادتها؛ لأن المعادة تطوع، وهو لا يكون بوتر. وتكون صلاته الأولى فرضه، لحديث يزيد ابن الأسود السابق. وينوي بالثانية كونها معادة؛ لأن الأولى أسقطت الفرض. وإن نوى المعادة نفلاً صح، لمطابقته الواقع، وإن نواها ظهراً مثلاً، صحت، وكانت نفلاً.
(1) مغني المحتاج:233/ 1 وما بعدها، المهذب:95/ 1.
(2)
كشاف القناع:537/ 1 وما بعدها.