الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
صفة السترة وقدرها:
للفقهاء آراء متقاربة في ذلك فقال الحنفية: أدنى السترة طول ذراع (2،46سم) فصاعداً وغلظ أصبع، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل، فلا يضر ك من مر بين يديك» (1) وقدرت العنزة التي كان يصلي إليها النبي صلى الله عليه وسلم في الصحراء بذراع طولاً. ويعتبر الغرز دون الإلقاء والخط كما بينا. ويجوز عندهم الاستتار بظهر آدمي جالس أو قائم، أو بدابة لا إلى مصحف أو سيف، وحيلة الراكب: أن ينزل فيجعل الدابة بينه وبين المصلي، فتصير سترة، فيمر. ومن احتاج إلى المرور بين يدي المصلي، ألقى شيئاً بين يدي المصلي، ثم يمر من ورائه.
وقال المالكية أيضاً: أقلها طول الذراع في غلظ الرمح، بشرط أن تكون بشيء ثابت، طاهر، وكره النجس، لا يشوش القلب، فلا يستر بصبي لا يثبت، ولا بامرأة، ولا إلى حلقة المتكلمين، ولا بسوط وحبل ومنديل ودابة غير مربوطة، ويجوز الاستتار بالإبل والبقر والغنم المربوطة؛ لأنها عندهم طاهرة الفضلة، ولايجوز الاستتار بخط في الأرض ولا حفرة. بدليل ما روي عن ابن عمر:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يو م العيد، يأمر بالحربة، فتوضع بين يديه، فيصلي إليها الناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر» (2) وعن أبي جحيفة قال: «وبين يديه عَنَزة» وهي عصا قصيرة فيها زُجّ (3). وأما حديث أبي هريرة في الخط فهو ضعيف مضطرب (4).
(1) أخرجه مسلم عن طلحة بن عبيد الله، وأخرج أيضاً عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل» .
(2)
متفق عليه (نيل الأوطار:2/ 3).
(3)
الزج: الحديدة التي في أسفل الرمح.
(4)
انظر نيل الأوطار:4/ 3.
ويكره عندهم الاستتار بظهر امرأة أجنبية أو كافر، ويجوز من غير كراهة الاستتار برجل غير كافر، أو بامرأة محرم على الراجح.
وقال الشافعية: يستحب أن يصلي إلى شاخص قدر ثلثي ذراع طولاً وإن لم يكن له عرض كسهم، لخبر:«استتروا في صلاتكم ولو بسهم» (1)، ولا يستتر بدابة.
وقال الحنابلة كالحنفية والمالكية: قدر السترة في طولها ذراع أو نحوه، وأما قدرها في الغلظ والدقة فلا حد له عندهم، فيجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة، وغليظة كالحائط، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالعنزة.
واستدل الشافعية والحنابلة على إجزاء الخط بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم، فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينْصِب عصاً، فإن لم يكن معه عصا، فليخط خطاً، ولا يضره ما مر بين يديه» (2).
وصفة الخط عند الشافعية: أنه مستقيم طولاً. وعند الحنابلة: أنه مثل الهلال عرضاً كالقنطرة، وقال بعض الحنابلة: كيفما خطه أجزأه، إن شاء معترضاً وإن شاء طولاً.
وإن كان معه عصا، فلم يمكنه نصبها، ألقاها عند الجمهور عرضاً؛ لأن هذا في معنى الخط، فيقوم مقامه. وقال المالكية: لا بد من وضعها منصوبة.
وأجاز الحنابلة أن يستتر ببعير أو حيوان أو إنسان، وفعله ابن عمر وأنس،
(1) رواه الحاكم وقال: على شرط مسلم.
(2)
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه، والبيهقي، وصححه أحمد وابن المديني. وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والبغوي وغيرهم، وأورده ابن الصلاح مثالاً للمضطرب، قال ابن حجر: ونوزع في ذلك (نيل الأوطار:4/ 3).