الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنه قضاء أو غيرها وقراءة القرآن. وحقق المتأخرون منهم وصول ثواب القراءة للميت، كالفاتحة وغيرها. وعليه عمل الناس، وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن. وإذا ثبت أن الفاتحة تنفع الحي الملدوغ، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:«وما يدريك أنها رقية؟» كان نفع الميت بها أولى.
وبذلك يكون مذهب متأخري الشافعية كمذاهب الأئمة الثلاثة: أن ثواب القراءة يصل إلى الميت، قال السبكي: والذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه، نفعه، إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«وما يدريك أنها رقية» وإذا نفعت الحي بالقصد، كان نفع الميت بها أولى. وقد جوز القاضي حسين الاستئجار على قراءة القرآن عند الميت. قال ابن الصلاح: وينبغي أن يقول: «اللهم أوصل ثواب ما قرأنا لفلان» فيجعله دعاء، ولا يختلف في ذلك القريب والبعيد، وينبغي الجزم بنفع هذا؛ لأنه إذا نفع الدعاء وجاز بما ليس للداعي، فلأن يجوز بما له أولى، وهذا لا يختص بالقراءة، بل يجري في سائر الأعمال.
المطلب الرابع ـ الشهادة في سبيل الله:
فضل الشهادة في سبيل الله
، تعريف الشهيد، أحكامه، شهداء غير المعركة.
فضل الشهادة في سبيل الله:
التضحية بالنفس أسمى درجات الإخلاص والتفاني في سبيل المبدأ والعقيدة، وأصدق برهان على صحة الإيمان، وطريق الخلود في جنان الله والفوز برضوان الله تعالى، والأمة أو الجماعة بأمس الحاجة في كل زمان إلى تضحيات العديد من أبنائها دفاعاً عن النفس والبلاد، وحفاظاً على المقدسات والحرمات،
ولا يكتب لها العزة والكرامة والهيبة إلا بجسور من الضحايا في سبيل تحقيق غاياتها، ودماء تضرج من أجل كرامتها ووجودها.
لهذا كتب الله الحياة والخلود للشهداء، وغفر للشهيد كل ذنوبه إلا الدين لتعلقه بحقوق الناس المادية، وبوأه المنزلة العالية في الجنة مع الأنبياء والمرسلين، كما دلت عليه النصوص الشرعية. فقال تعالى:{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يُرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [آل عمران:169/ 3 - 171] عن مسروق رضي الله عنه، قال: سأل عبد الله - أي ابن مسعود - عن هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يُرزقون؟} [آل عمران:169/ 3] فقال: أما أنا فقد سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أرواحهم في جوف طير خُضْر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل
…
» الحديث (1).
والمعنى أن الله تعالى أحياهم وأعطاهم القدرة على التمتع بثمار الجنة، والتفكه بها والتنقل في أرجائها، قال تعالى:{ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء، ولكن لا تشعرون} [البقرة:154/ 2] إلا أن حياتهم ليست بالجسد، وإنما هي من نوع خاص لا يدرك بالعقل، بل بالوحي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا، وإن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة» (2).
(1) رواه مسلم والترمذي وغيرهما (الترغيب والترهيب:326/ 2ومابعدها).
(2)
رواه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس (المصدر السابق:310/ 2 وما بعدها).