الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبه تبين أن الحائل لا يمنع الاقتداء بشرط عدم الاشتباه وعدم اختلاف المكان، ولا يشترط إمكان الوصول إلى الإمام وعدمه.
فالاقتداء بالإمام في أقصى المسجد، والإمام في المحراب، يجوز؛ لأن المسجد على تباعد أطرافه، جعل في الحكم كمكان واحد. ولو قصد المبلِّغ بتكبيرة الإحرام مجرد التبليغ، فتبطل صلاة من يقتدي بتبليغه.
ولو وقف المقتدي على سطح المسجد أو على سطح بناء بجنب المسجد متصل به ليس بينهما طريق، واقتدى بالإمام: فإن كان وقوفه خلف الإمام أو بحذائه، أجزأه؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه وقف على سطح، واقتدى بالإمام، وهو في جوفه، ولأن سطح المسجد تبع للمسجد، وحكم التبع حكم الأصل، فكأنه في جوف المسجد. وهذا إذا كان لا يشتبه عليه حال إمامه، فإن كان يشتبه لا يجوز.
وإن كان وقوفه متقدماً على الإمام لا يجزئه، لانعدام معنى التبعية.
أما لو اقتدى رجل في داره بإمام المسجد، وكانت داره منفصلة عن المسجد بطريق ونحوه، فلا يصح الاقتداء لاختلاف المكان.
والخلاصة: إن اختلاف المكان يمنع صحة الاقتداء، سواء اشتبه على المأموم حال إمامه أو لم يشتبه، واتحاد المكان في المسجد أو البيت مع وجود حائل فاصل يمنع الاقتداء إن اشتبه حال الإمام. أما وجود فاصل يسع صفين أو أكثر في الصحراء أو في المسجد الكبير جداً، فيمنع الاقتداء.
وأما
الشافعية
(1) فقالوا: يشترط لصحة القدوة أن يعلم المتقدي بانتقالات إمامه، بأن يراه أو يرى بعض صف، أو يسمعه، ولو من مبلِّغ، وإن لم يكن مصلياً.
(1) مغني المحتاج:248/ 1 - 251، الحضرمية: ص69ومابعدها.
أـ فإن كان الإمام والمأموم مجتمعين في مسجد، صح الاقتداء، وإن بعدت المسافة بينهما فيه أكثر من ثلاث مئة ذراع، أو حالت بينهما أبنية كبئر وسطح ومنارة، أو أغلق الباب أثناء الصلاة، فلو صلى شخص في آخر المسجد والإمام في أوله، صح الاقتداء بشرط إمكان المرور بأن لا يوجد بينهما حائل يمنع وصول المأموم إلى الإمام كباب مسمَّر قبل الدخول في الصلاة. ولا فرق في إمكان الوصول إلى الإمام بين أن يكون الشخص مستقبلاً القبلة أو مستدبراً لها.
ويعد سطح المسجد ورحبته ونحوهما في حكم المسجد.
ب ـ أما إن كان الإمام والمأموم في غير مسجد، كصحراء: فتصح الصلاة بشرط ألا يكون بينهما، وبين كل صفين، أكثر من ثلاث مئة ذراع تقريباً (1)، فلا يضر زيادة ثلاثة أذرع مثلاً، وألا يكون بينهما جدار أو باب مغلق أو مردود أو شباك. ولو كان الإمام في المسجد والمأموم خارجه، فالثلاث مئة ذراع محسوبة من آخر المسجد. ولا يضر على الصحيح وجود فاصل أو تخلل الشارع، أو النهر الكبير الذي تجري فيه السفن ويسبح فيه السباحون، ولا تخلل البحر بين سفينتين.
وإن كان الإمام والمأموم في بناءين كغرف المدارس، أو العمارتين، صح الاقتداء في أصح الطريقين على النحو التالي: فإن كان بناء المأموم يميناً أو شمالاً، وجب اتصال صف من أحد البناءين بالآخر، ولا تضر في الأصح فُرجة لا تسع واقفاً. وإن كان بناء المأموم خلف بناء الإمام، فالصحيح صحة القدوة بشرط ألا يكون بين الصفين أكثر من ثلاث مئة ذراع.
وإن صح اقتداء الشخص في بناء آخر، صح اقتداء من خلفه أو بجنبه، وإن حال بينه وبين الإمام جدار.
(1) بذراع الآدمي المعتدل وهو شبران.