الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يأثم من أخر الصلاة لعذر النوم أو النسيان، لحديث أبي قتادة قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة، فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها» (1).
ثاني
اً ـ أعذار سقوط الصلاة
وتأخيرها:
أـ أعذار سقوط الصلاة:
اتفق العلماء على أن الصلاة تسقط عن المرأة أيام الحيض والنفاس، فلا يجب عليها قضاء ما فاتها من الصلوات أثناء الحيض أو النفاس، كما لاقضاء على الكافر الأصلي والمجنون اتفاقاً.
وذكر الحنفية (2): أن الصلاة تسقط عن المجنون والمغمى عليه إذا استمر الجنون أو الإغماء أكثر من خمس صلوات، أما إن استمر أقل من ذلك، خمس صلوات فأقل، وجب عليهما القضاء لصلاة ذلك الوقت إذا بقي من الوقت ما يسع أكثر من التحريمة. فلو لم يبق من الوقت ما يسع قدر التحريمة، لم تجب عليهما صلاة ذلك الوقت. وأما المرتد: فلا يقضي ما فاته زمن الردة ولا ما قبلها إلا الحج؛ لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي. ويعذر حربي أسلم بدار الحرب بالجهل، فلا يقضي ما عليه إذا مكث مدة؛ لأن العلم بالخطاب شرط التكليف.
وبينا أن المالكية قالوا: لا يجب القضاء في حال الجنون والإغماء والكفر والحيض والنفاس وفقد الطهورين (3).
(1) رواه النسائي والترمذي وصححه (نيل الأوطار: 2/ 27).
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 1/ 330،688.
(3)
الشرح الصغير: 1/ 364.
وقال الشافعية (1): لا تجب الصلاة على الحائض والنفساء كغيرهم من المذاهب، أما الكافر الأصلي إذا أسلم فلا يخاطب بقضاء الصلاة، لقوله عز وجل:{قل للذين كفروا: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال:38/ 8] ولأن في إيجاب ذلك عليه تنفيراً عن الإسلام، فعفي عنه. وأما المرتد إذا أسلم: فيلزمه قضاء الصلاة، لأنها وجبت عليه، واعتقد وجوبها، وقدر على التسبب إلى أدائها فهو كالمحدث، حتى إنه إن جن حال الردة ففاته صلوات، لزمه قضاؤها.
ومن زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض أو بسب مباح: فلا تجب عليه الصلاة ولا قضاء عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة» فنص على المجنون، وقيس عليه كل من زال عقله بسب مباح. أما من زال عقله بسبب محرم كمن شرب المسكر، أو تناول دواء من غير حاجة، فزال عقله، فيجب عليه القضاء إذا أفاق؛ لأنه زال عقله بمحرم، فلم يسقط عنه الفرض ..
وقال الحنابلة (2): لا تجب الصلاة على صبي ولا كافر ولا حائض أو نفساء. أما الكافر الأصلي فلا يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره، بغير خلاف للآية السابقة:{قل للذين كفروا .. } [الأنفال:38/ 8] وأسلم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم خلق كثير وبعده، فلم يؤمر أحد منهم بقضاء، ولأن في إيجاب القضاء عليه تنفيراً عن الإسلام، فعفي عنه، كما قال الشافعية.
وأما المرتد: ففي وجوب القضاء عليه روايتان عن أحمد:
إحداهما كالحنفية: لا يلزمه؛ لأن عمله قد حبط بكفره بدليل قوله تعالى: {لئن أشركت ليَحْبطنَّ عملُك} [الزمر:65/ 39]، ولو حج لزمه استئناف حجه. فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه.
(1) المهذب: 1/ 50 وما بعدها.
(2)
المغني: 1/ 398 - 401.
والثانية كالشافعية: يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته، وإسلامه قبل ردته، ولا يجب عليه إعادة الحج؛ لأن العمل إنما يحبط بالإشراك مع الموت، لقوله تعالى:{ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة} [البقرة:217/ 2].
والمجنون غير مكلف، ولا يلزمه قضاء ما ترك في حال جنونه، إلا أن يفيق في وقت الصلاة، فيصير كالصبي يبلغ، ولا خلاف في ذلك، للحديث السابق:«رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل» (1)، ولأن مدته تطول غالباً، فوجوب القضاء عليه يشق، فعفي عنه.
والمغمى عليه: يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في حال إغمائه، فحكمه حكم النائم، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها كالصلاة والصيام. بدليل ما روى الأثرم أن عماراً أغمي عليه ثلاثاً، فقضى ما عليه، وأن سمرة بن جندب سئل عن صلاة المغمى عليه فقال:«ليصليهن جميعاً» وهذا الرأي خلاف ما عليه الحنفية والمالكية والشافعية كما بينا.
ومن شرب دواء فزال عقله به نظر: فإن كان زوالاً لا يدوم كثيراً فهو كالإغماء، وإن كان يتطاول فهو كالجنون.
وأما السكر ومن شرب محرماً يزيل عقله وقتاً دون وقت: فلا يؤثر في إسقاط التكليف، وعليه قضاء ما فاته في حال زوال عقله، بلا خلاف، ولأنه إذا وجب عليه القضاء بالنوم المباح، فبالسكر المحرم أولى.
(1) أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن.