الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزيارة النساء إن كانت لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن لا تجوز، وعليه حمل حديث «لعن الله زائرات القبور» فإن كانت للاعتبار والترحم من غير بكاء، فلا بأس.
والأفضل لمن يتصدق نفلاً أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات؛ لأنها تصل إليهم، ولا ينقص من أجره شيء. ويستحب إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أنقذنا من الضلالة، ففي ذلك نوع شكر، وإسداء جميل له.
ب ـ رأي الجمهور:
تندب زيارة القبور للرجال للاعتبار والتذكر وتكره للنساء، وكانت زيارتها منهياً عنها، ثم نسخت، لقوله صلى الله عليه وسلم:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها» وفي رواية: «ولا تقولوا هُجْراً» أي كلاماً قبيحاً، ولا تدخل النساء في ضمير الرجال على المختار. وزيارة قبور الكفار مباحة. وأما وقت الزيارة فقال مالك: بلغني أن الأرواح بفناء المقابر، فلا تختص زيارتها بيوم بعينه، وإنما يختص يوم الجمعة لفضله والفراغ فيه.
وسبب كراهتها للنساءلأنها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن، لما فيهن من رقة القلب، وكثرة الجزع، وقلة احتمال المصائب، وإنما لم تحرم لما روى مسلم عن أم عطية:«نهينا عن زيارة القبور، ولم يعزم علينا» وكراهة زيارتهن لحديث: «لعن الله زوَّارات القبور» (1). ولكن يسن لهن زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلحق بذلك قبور بقية الأنبياء والصالحين، بشرط عدم التبرج والاختلاط ورفع الأصوات.
لكن قال المالكية: هذا في حق الشابة، أما المتجالة التي لا أرب للرجال بها فكالرجال. ويكره الأكل والشرب والضحك وكثرة الكلام، وكذا قراءة القرآن بالأصوات المرتفعة، واتخاذ ذلك عادة لهم.
(1) قال الترمذي: هذ احديث صحيح، رواه الخمسة إلا النسائي.
ويندب أن يسلِّم الزائر على قبور المسلمين، ويقرأ، ويدعو.
أما السلام فيكون مستقبلاً وجه الميت، قائلاً ما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه إذا خرجوا للمقابر:«السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله (1) بكم لاحقون» . أو «السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لا حقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» رواهما مسلم، زاد أبو داود:«اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم» لكن بسند ضعيف.
ويقرأ عنده ما تيسر من القرآن، وهو سنة في المقابر، فإن الثواب للحاضرين، والميت كحاضر يرجى له الرحمة.
ويدعو للميت عقب القراءة، رجاء الإجابة؛ لأن الدعاء ينفع الميت، وهو عقب القراءة أقرب إلى الإجابة. وعند الدعاء يستقبل القبلة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» والغرقد: شجر له شوك، والبقيع: مدفن أهل المدينة.
ويستحب ـ كما ذكر الشافعية ـ الإكثار من الزيارة، وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل، ويقف الزائر أمام القبر كما يقف أمام الحي.
ويكره تقبيل التابوت الذي يجعل على القبر، وتقبيل القبر واستلامه، وتقبيل الأعتاب عند الدخول لزيارة الأولياء، فإن هذا كله من البدع التي ارتكبها الناس:{أفمن زين له سوء عمله، فرآه حسناً} [فاطر:8/ 35].
ويستحب عند الحنابلة خلع النعال إذا دخل المقابر، للأمر به في حديث بُشَير
(1) قوله: «إن شاء الله» : الصحيح أنه للتبرك وامتثال قوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} [الكهف:23/ 18 - 24](المجموع:280/ 5).