الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء» (1).
وقال المالكية (2): يندب للمصلي أن يدفع المار بين يديه دفعاً خفيفاً فإن كثر أبطل صلاته، ولو دفعه فأتلف له شيئاً، كما لو خرق ثوبه أو سقط منه مال، ضمن على المعتمد، ولو دفعه دفعاً مأذوناً فيه.
وقال الشافعية والحنابلة (3): يسن للمصلي أن يدفع المار بينه وبين سترته، عملاً بالأحاديث الثابتة المتقدمة، ويضمن المصلي المار إن قتله أو آذاه، هذا ولا يرد المار بين يدي المصلي في مكة والحرم، بدليل ماروى أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي عن المُطّلِب بن وَدَاعة:«أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه، وليس بينهما سُترة» .
12 -
هل المرور بين يدي المصلي يقطع الصلاة
؟ اتفق أئمة المذاهب الأربعة على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطعها ولا يبطلها، وإنما ينقص الصلاة إذا لم يرده (4)، لقول صلى الله عليه وسلم:«لا يقطع صلاة المرء شيء، وادرؤوا ما استطعتم» (5).
وروي عن ابن مسعود: «أن ممر الرجل يضع نصف الصلاة، وكان عبد الله إذا مر بين يديه رجل التزمه حتى يرده» (6). قال القاضي أبو يعلى الحنبلي: ينبغي
(1) أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد (نصب الراية:75/ 2 ومابعدها).
(2)
القوانين الفقهية: ص56، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:246/ 1.
(3)
مغني المحتاج:200/ 1، المغني:245/ 2 ومابعدها، كشاف القناع:438/ 1 ومابعدها.
(4)
رد المحتار:593/ 1، القوانين الفقهية: ص56، المهذب:69/ 1، المغني:231/ 2، كشاف القناع:439/ 1.
(5)
رواه أبو داود بإسناد ضعيف من رواية أبي سعيد الخدري (المجموع:227/ 3، نصب الراية:76/ 3).
(6)
رواه البخاري بإسناده.
أن يحمل نقص الصلاة على من أمكنه الرد، فلم يفعله، أما إذا رد فلم يمكنه الرد، فصلاته تامة، لأنه لم يوجد منه ما ينقص الصلاة، فلا يؤثر فيها ذنب غيره.
وقال الإمام أحمد: لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم (1)، قال معاذ ومجاهد: الكلب الأسود شيطان، وهو يقطع الصلاة.
وقال الظاهرية: يقطع الصلاة مرور المرأة والكلب والحمار، لحديث أبي هريرة:«يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل» (2) وحديث أبي ذر: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود، قال عبد الله بن الصامت: يا أبا ذر، ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر، من الكلب الأصفر؟ قال: يابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: «الكلب الأسود شيطان» (3)
واقتصر الحنابلة على بطلان الصلاة بمرور الكلب الأسود، لمعارضة هذين الحديثين بحديث الفضل بن عباس عند أبي داود المتضمن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أمام حمار، وحديث عائشة السابق المتضمن صلاة الرسول عليه السلام وهي معترضة بينه وبين القبلة، وحديث ابن عباس المتفق عليه الذي مر راكباً على حمار، ثم نزل وترك الأتان ترتع بين الصفوف، فبقي الكلب الأسود خالياً عن معارض، فيجب القول به لثبوته، وخلوه عن معارض.
ورد النووي على هذه الأحاديث الصحيحة لدى الحنابلة والظاهرية بما أجاب
(1) البهيم: الذي ليس في لونه شيء سوى السواد.
(2)
رواه أحمد ومسلم واللفظ له، وابن ماجه.
(3)
رواه الجماعة إلا البخاري، يعني أحمد ومسلماً وأصحاب السنن كلهم.