الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الناس فيسرون بالدعاء إن أسر الإمام، ويجهرون به إن جهر.
ويستحب للخطيب استقبال القبلة في أثناء الدعاء، لحديث عبد الله بن زيد المتقدم. وهذا ما قرره الصاحبان، وهو أن الإمام يستقبل القبلة بالدعاء في الخطبة.
وقال المالكية: يستقبل القبلة بوجهه قائماً بعد الفراغ من الخطبتين، ويبالغ في الدعاء برفع الكرب والقحط وإنزال الغيث والرحمة وعدم المؤاخذة بالذنوب، ولا يدعو لأحد من الناس.
وقال الشافعية: يستقبل الإمام القبلة بعد صدر (نحو ثلث) الخطبة الثانية، ثم يدعو (1) سراً وجهراً، ثم يستقبل الناس بوجهه ويحثهم على الطاعة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقرأ آية أو آيتين، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويختم بقوله: أستغفر الله لي ولكم.
وقال الحنابلة: يستقبل القبلة في أثناء الخطبة.
رفع الأيدي في الدعاء:
ويستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء، لحديث أنس:«كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه، حتى يُرى بياض إبطيه» (2) وفي حديث أيضاً لأنس: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس أيديهم.
قلب الرداء أو تحويله:
قال الصاحبان أبو يوسف ومحمد: يقلب الإمام رداءه عند الدعاء، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم:«لما استسقى حوَّل ظهره إلى الناس، واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه» (3).
(1) قال النووي: فيه استحباب استقبال القبلة للدعاء، ويلحق به الوضوء والغسل والتيمم والقراءة وسائر الطاعات، إلا ما خرج بدليل كالخطبة.
(2)
متفق عليه بين أحمد والبخاري ومسلم (نيل الأوطار:8/ 4).
(3)
سبق تخريجه، وقال الزيلعي: رواه الأئمة الستة، وأحمد (نصب الراية:242/ 2).
وصفة القَلْب: إن كان مربَّعاً جعل أعلاه أسفله، وإن كان مُدَوَّراً كالجبة، جعل الجانب الأيمن على الأيسر.
ولا يقلب القوم أرديتهم؛ لأنه لم ينقل أنه عليه السلام أمرهم بذلك ولا يسن القلب عند أبي حنيفة؛ لأن الاستسقاء دعاء عنده، فلا يستحب تحويل الرداء فيه كسائر الأدعية.
وقال الجمهور: يحول الإمام رداءه عند استقبال القبلة، على الخلاف السابق في وقت الاستقبال، ويحول الناس الذكور مثله أي مثل الإمام، وهم جلوس، لحديث عبد الله بن زيد، وحديث عائشة، وحديث أبي هريرة كما تقدم (1) وليقلب الله ما بهم من الجدب إلى الخصب، وجاء هذا المعنى في بعض الحديث، روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط» (2).
وصفة التحويل: أن يجعل يمينه يساره وعكسه أي يجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، بلا تنكيس للرداء عند المالكية والحنابلة، أي فلا يجعل الحاشية السفلى التي على رجليه على أكتافه.
ومع التنكيس في المذهب الجديد للشافعي، فيجعل أعلاه أسفله وعكسه، لحديث:«أنه صلى الله عليه وسلم استسقى، وعليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فثقُلت عليه، فقلَبها الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن» (3).
(1) انظر نيل الأوطار:3/ 4 - 4، قال السهيلي: وكان طول ردائه صلى الله عليه وسلم أربعة أذرع، وعرضه ذراعين وشبراً.
(2)
رواه الدارقطني عن جعفر بن محمد عن أبيه.
(3)
رواه أحمد وأبو داود، والخميصة: كساء أسود مربع له علَمان (نيل الأوطار:11/ 4 - 12).